المتفكرين .. وفي لحظة سريعة يغيب المرءُ عن الحياةِ والأحياء .. وفي أخرى يستيقظ، فإذا هو يعيش الحياة ويبصر الأحياء.
تُرى، أيُستدل بالنومِ (الموتة الصغرى) على الوفاةِ الكبرى؟
وبالاستيقاظ على البعث والنشور؟ إي وربي لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون. وهناك في أرض المحشر ينكشف ليل المفسدين وتُكشف سوءاتُ الذين ينتشرون بجنح الظلام على فسقهم وفجورهم .. وينسون أنهم، وإن غابوا عن أعين الخلق فهم في رقابة الخالق الذي لا تخفى عليه منهم خافية.
هناك ينكشف الفرق بين قوم كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون، صلاةً وتلاوةً وذكرًا ودعاءً، وبالأسحار هم يستغفرون، وبين من يُحيون الليل بسهراتٍ صاخبة، ومجونٍ وفواحش وهم يظنون أنها ليالي حمراء، وغدًا تبدو لهم ولغيرهم لياليَ سوداء وحسرةً وندامةً.؟
وخلاصة القول: فلا ينبغي للعاقل أن يتخذ من هدأة الليل مجالًا للفجور والفسوق .. بدل أن يشكر الله على هذه النعمة، ويأوي إلى فراشه ذاكرًا شاكرًا، مستودعًا ربَّه نفسه إن أمسكها رحِمَها، وإن أرسلها فليحفظها بما يحفظ به عباده المؤمنين .. وكذلك كان يُعلِّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابَه؛ أن يقول أحدُهم إذا أوى إلى فراشه:«باسمك اللهم ربي وضعتُ جنبي، وباسمك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادَك الصالحينَ» وما أجمل هذا الدعاء لو تعلمناه وعملنا به!
عباد الله: وكما أن النوم نعمةٌ وعبادةٌ يُستعان بها على طاعة الله، فهو ليس كذلك إذا حال بين العبد وبين طاعة ربه، فالصلاةُ خيرٌ من النوم، وهو نداءٌ يطلقه المؤذنون مع انبلاج فجر كلِّ يوم، والخيرون من الناس هم الذين يستجيبون لهذا