للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - تزيين الباطل وإظهاره بصورةٍ حسنةٍ، عُلم ذلك من قول الشيطان نفسه لربه: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (١).

ويصف ابن القيم هذه المكيدة للشيطان ويقول:

ومن مكايده أنه يسحرُ العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يسلمُ من سحره إلا من شاء الله، فيزينُ له الفعلَ الذي يضره حتى يُخيل إليه أنه من أنفع الأشياء، ويُنفرُ من الفعل الذي هو أنفع الأشياء، حتى يُخيل له أنه يَضره، فلا إله إلا الله! كم فتن بهذا السحر من إنسان! ! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورةٍ مستحسنة، وشنَّعَ الحقَّ وأخرجه في صورة مستهجنة! (٢).

٢ - ويندرج تحت هذا وسيلةٌ أخرى للشيطان في إضلال الإنسان ألا وهي تسمية المعاصي بغير اسمها وبأسماء محببة للنفوس، ألم يقل لأبينا آدم عليه السلام: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى} (٣)؟

وقد ورثَ أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تُحب النفوسُ مسمّياتها، فسمَّوا الخمر بـ «أُمِّ الأفراح» كما قال ابن القيم رحمه الله في «إغاثة اللهفان».

ولا يزال الشيطانُ يوحي إلى أوليائه تسمية الأمور المحرمة بغير مسمياتها؛ فتسمع الفائدة بدل الربا، ويسمى التبرج الفاضح بحرية المرأة، ويسمون الاختلاط المستهتر بالتقدم والتمدن، ويسمون المغنية الفاسقة الفاجرة بالفنانة والشهيرة .. وهكذا (٤).


(١) سورة الحجر: الآية ٣٩.
(٢) إغاثة اللهفان: ١/ ١١٠.
(٣) سورة طه: الآية ١٢٠.
(٤) وحيد بالي «وقاية الإنسان»: ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>