للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل الزمان يدعو إلى كثرة التلاوة والتدبر للقرآن، وفي رمضان يجتمع الصيام مع تلاوة القرآن فيكون أسمى للروح وأخف للجوارح لعدم امتلاء البطن في الطعام.

وقارئ القرآن بتدبر وتمعن لابد أن ينتهي إلى التوبة، ولابد أن يعود إلى ربه ويستغفره من ذنوبه لعدة دواع منها: أنه يقرأ ما أعده الله للمتقين من النعيم والحبور الدائم مما تطرب له النفوس وتتعلق به القلوب، ويزداد شوقه إذا قرأ أن في ذلك النعيم ما لا يستوعبه الخيال أو تحيط به العيون والأسماع {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (١).

ولا يكاد ينتهي من الأنس والشوق حتى تمر به المشاهد المغيبة للكافرين والفجار مما لا تطيق بعض النفوس سماع وعده ووعيده فضلاً على أن تصبر على شدة العذاب أو تطيق أن تكون من أهل النار والعياذ بالله وبين هذه المشاهد وتلك تأتي الدعوة الإلهية للتوبة فضلاً من الله وإحسانًا وإلا فربك الغني القهار، وجهنم لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم، وحين يقال لها: هل امتلأت؟ تجيب: هل من مزيد؟

وقارئ القرآن يستشعر التوبة لأنه يقرأ أخبار وقصص التائبين وفي مقدمتهم آدم عليه السلام، فلم تقعد به الخطيئة عن التوبة والاستغفار، ولم يتجبر أو يتكبر كحال إبليس الذي كان مصيره إلى النار وبئس القرار، وسيشعر من هذا أن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فيتأمل في نفسه ويعقد العزم على التوبة، ويكون هذا الشهر الكريم بداية عتقه من النار، ويكون القرآن دليله إلى النجاة، وقاربه إلى بر الأمان.


(١) سورة السجدة، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>