للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخي المسلم ينبغي أن تحذر المعاصي ما ظهر منها وما بطن قدر طاقتك، فهي لا تزال بصاحبها حتى تورده المهالك .. ومع ذلك فينبغي ألا تيأس من روح الله ورحمته، وألا يصيبك الإحباط والقنوط مهما بلغت ذنوبك، شريطة أن تقبل على الله وأن تقف ببابه معترفًا مستغفرًا، وإليك قصة هذا الرجل الذي تكرر ذنبه وفي كل مرة يقف بباب الله سائلاً مستغفرًا فلم يخيب الله أمله. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه تبارك وتعالى قال: «أذنب عبدي ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربي أغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك، قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة اعمل ما شئت».

وفي رواية بمعناه وفي الثالثة قال «قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء» قال الحافظ في الفتح، قال القرطبي (وفائدة هذا الحديث أن العود إلى الذنب وإن كان أقبح من ابتدائه لأنه انضاف إلى ملابسة الذنب نقض التوبة، لكن العود إلى التوبة أحسن من ابتدائها لأنه انضاف إليها ملازمة الطلب من الكريم والإلحاح في سؤاله، والاعتراف أنه لا غافر للذنب سواه، ثم نقل الحافظ كذلك عن النووي قوله في الحديث: إن الذنوب ولو تكررت مائة مرة بل ألفًا فأكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته) (١) تلك نعمة ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه.


(١) جامع الأصول ٨/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>