يا من حفظتم أسماعكم وأبصاركم عن الحرام في شهر رمضان، هل يسوغ إطلاقُ العنانِ لها في شهر شوال؟
ويا من صبَّرتم أنفسكم عن تعاطي المشروبات المحرمة في شهر الصيام، هل كان ذلك حافزًا لكم على الاستمرار على مجاهدة النفس فيما بعد شهر الصيام؟
أيها المسلمون: وهنيئًا لمن أحسَّ بتقوى الصيام بعد انقضاء شهر رمضان، هنيئًا لمن أتمَّ صيام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال، وهنيئًا لمن تعلق قلبُه بالمساجد بعد ملازمتها في شهر رمضان، هنيئًا لمن واصل تلاوة كتاب الله وتدبَّره بعد انقضاء شهر الصيام، وهنيئًا لمن دأبُه قيامُ الليل في سائر العام، وهنيئًا لمن لم يفترْ عن متابعةِ أصحابِ الحوائج والمساكين، فيسد حاجتهم، ويفرّج شيئًا من كروبهم، ويدخل السرور عليهم. هنيئًا لمن أورثه الصيام التقي والخشوع والإنابة لربِّ العالمين، وحالُهم كما قال الشاعر:
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا ... (اللهُ أكبرُ) في شوقٍ وفي جذلِ
أرواحُهم خشعتْ لله في أدبٍ ... قلوبُهم من جلالِ اللهِ في وَجَلِ
إذا سجى الليلُ قاموه وأعينُهم ... من خشيةِ الله مثلُ الجائد الهطلِ
همُ الرجالُ فلا يلهيهمُ لعبٌ ... عن الصلاة ولا أكذوبةُ الكَسلِ
يا أخا الإيمان: أين أنت من قومٍ كانوا يحرصون على السُّنن جهدَهم؟ فكيف ترى حرصَهم على الواجبات؟ ! وأراك ونفسي نقحم أنفسنا أحيانًا في المحرمات، وقد تتقاصر هممُنا عن الواجبات، فضلًا عن المستحبات، ودونك هذا النموذج في المسارعة للخيرات: