للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغاتنا، وكان قُصارى همهم ومنتهى أملهم أن يصبحوا مثلنا، في حين أنهم أشباهُنا وليسوا مثلنا، إنهم نخروا من الداخل ثقافة أهليهم وأديانهم (القومية) التي تصنع الحضارات، ومُثُلهم وأحاسيسهم وأفكارهم الجميلة وأصالتهم الأخلاقية والإنسانية، وتحت أي شعار؟ وبأي اسم؟ باسم مقاومة الخرافات أو مكافحة الرجعية، أو الوقوف ضد السلفية. انتهى

وهنا وبإزاء هذه الاعترافات من الأعداء أردد مع الكاتب المسلم (١) قوله: إنني كعربي مسلم أشعر بالخزي من مثل هذه الحقيقة، فهل يشعر بمثل ذلك نُخبُنا الفكرية، التي مارست وما زالت تمارس الدور الذي سماه (سارتر) (دليل الطريق)؟ (٢)

إخوة الإيمان: إن المؤسف أن هذه النُّخب وجدت وتكاثرت في البلاد العربية والإسلامية، وقطارها يتحرك مؤثرًا في بلد، ثم يتوجه القطار بعرباته إلى بلد آخر، وفيهم القادة والأتباع، وهكذا غُربت الأمة وحصلت لها الانتكاسة إثر الانتكاسة، واكتفى الأعداء بهذه العقول المنهزمة والأفكار الغازية والرواد الكذبة عن الحروب المسلحة، واستنفاذ الجنود والمعدات الحربية.

وهذه النخب المنحرفة يتسللون لإفساد فكر الأمة عبر الكتاب المؤلف، والرواية والقصة، والمقالة الصحفية، وعبر وسائل الإعلام بقنواته المختلفة، وربما غلفوا طروحاتهم بمصطلحات التجديد والتحديث والمصلحة الوطنية، وهم إنما يخدعون الأغرار من الرجال والنساء، يرمون بالعلمنة حينًا، وبالحداثة حينًا، وقد يكون من بينهم أصحاب بدع وانحرافات في المعتقدات، وعلى المجتمع بأسره مسؤولية


(١) صاحب كتاب «دفاعٌ عن ثقافتنا».
(٢) جمال سلطان: دفاع عن ثقافتنا ص ٤٣، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>