وينبغي أن يعلم أن الصراع مع أي ثقافةٍ وافدةٍ منحرفةٍ لا يعني الصراع مع الإنسان، إذ الصراع مع مظلة القيم وليس مع الإنسان ذاته، بل قد يكون هذا الصراع سببًا لحياة أفراد أو مجتمعاتٍ كانت في عداد الموتى.
إن صراعنا -نحن معاشر المسلمين- مع الآخرين ليس الهدف منه فرض الجبروت وإذلال الشعوب، وإنما يهدف إلى تعبيد الناس، والكون لله ربِّ العالمين، وتخليصهم من العبودية لبعضهم، وحمايتهم من التشرد والضياع.
عباد الله: وهنا كلمةُ حقٍ وإنصاف تقال -في الحديث عن الثقافة والنُّخب الثقافية، فليست كلُّ النخب الثقافية معاول هدمٍ، أو تابعين أجراءُ، بل فيهم فئةٌ صالحون أصلاء، يحملون هموم الأمة ويعالجون قضاياها ويُعدُّون في طلائع الرواد الذين لم يكذبوا أهليهم، ولم يخونوا أماناتِهم، ولهؤلاء يُقال: أنتم مكانُ تقدير الأمةِ وثقةِ أبنائها، وإلى مزيد من تفعيل الثقافة الإسلامية الأصيلة في المجتمع، وفضح الثقافات الواردة والحوار مع النخب المنهزمة، وعسى الله أن يكتب الخير على أيديكم. فإما أن يهدي الله بكم من ضل، أو تكونوا سياجًا مانعًا عن ضلال آخرين، وحسبكم أن تؤدوا الأمانة، وأن تكونوا خلفاء الأنبياء -عليهم السلام- في البلاغ الحق للناس، بما شرع وأوحى.