للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإياك أن تغمس نفسك في الشهوات، وتغرق قلبك بالمحرمات فتظلم الدنيا في عينيك، وتضيق بك الحياة مع سعتها على غيرك، وقد قيل في معنى قوله تعالى: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا} وهو الذي لا يتسع لشيء من الهدى، ولا يخلص إليه شيء من الإيمان ينفعه وينقذه.

وقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً من الأعراب من أهل البادية: ما لحرجة؟ قال: هي الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء، فقال عمر رضي الله عنه؟ كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير (١).

فحذار أخي المسلم أن تسيطر عليك الغفلة، أو أن تغريك اللذة العاجلة فتنسيك ما أمرك الله به، أو تدعوك لفعل ما نهاك عنه، وتذكر وأنت في الدنيا محادثة أهل النار واعترافهم {قالوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين} وعليك بالجمعة والجماعة .. وإطعام الطعام، وصلة الأرحام وفعل الخيرات وترك المنكرات جهدك، فإنها أسباب جالبة لشرح الصدر والهداية بإذن الله، وعكسها جالبة للضيق والشقاوة والضلال عن صراط الله.

وتأمل على سبيل المثال أثر عدم إقامة الصلاة والتهاون في اجتماع المسلمين للصلاة وكونه طريقًا لاستحواذ الشيطان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من ثلاثة في قرية، لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية» (٢).


(١) تفسير ابن كثير ٣/ ٣٢٨.
(٢) حديث حسن أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما .. (صحيح الجامع ٥/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>