للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الناس: وهناك وسائل أخرى يعلمها المجربون، ويمارسها الآمرون الناهون.

ومن الوسائل إلى شبهات يتعلق بها بعض الناس ويعللون لأنفسهم بها القعود عن واجب الأمر والنهي، ولا متعلق لهم بها، ومنها: خطأ بعضهم في فهم المقصود بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (١).

قال القرطبي رحمه الله في أحد تعليقاته على هذه الآية: الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكرِ متعيّنٌ متى رُجي القبولُ، أو رُجي ردُّ الظالمِ ولو بعنف، ما لم يخفِ الآمرُ ضررًا يلحق في خاصته، أو فتنةً يُدخلها على المسلمين، إما بشقِّ عصا، وإما بضرر يلحق طائفةً من الناس، فإذا خيف هذا فـ {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} محكم واجبٌ أن يوقف عنده، ولا يُشترطُ في الناهي أن يكون عدلًا، وعلى هذا جماعةُ أهل العلم فاعلمه (٢).

وقال ابن كثير - رحمه الله -: ((وليس في الآية مستدل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان فعل ذلك ممكنًا ... )) (٣).

ومن الشُّبَه التي تقعد ببعض الناس عن الإنكار: السكوتُ عن منكرٍ أصغر من أجل إزالة منكرٍ أعظم، ثم لا يعملُ من ذلك شيئًا، أو الاعتذارُ عن المشاركة في الإنكار بحجة أنه مشغولٌ بواجب آخر، مع إمكانية الجمع بين الواجبين وعدم تعارضهما.


(١) سورة المائدة، الآية: ١٠٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٣٤٥.
(٣) تفسير ابن كثير عند الآية، وقد نقل عن السلف نقولات مفيدة فراجعه إن شئت ٣/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>