للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قضيةُ وجوده، والغايةُ من حياته، ومستقبله الحق، وشقاؤه وسعادته، ومن فضل اللهِ على عباده أن هذه وتلك لا تشترى بالدرهم ولا الدينار، ولكنها تُنال بالهمم والجدِّ في عمل الصالحات، والسير إلى الله، والموفَّقُ من أيقن واستيقظ لحقائق القرآن، وسائل نفسك: لأي شيء خلق اللهُ الموت والحياة، والجوابُ حاضرٌ في قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (١)، بل ولأي شيء خُلقتَ أنتَ؟ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٢).

ويتحاشى الناسُ، كلُّ الناس الخسارة والفشل في الحياة الدنيا، ولكن القلةَ منهم من يتأمل في الخُسران والفشل الأخروي: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (٣).

أيها المسلمون: إن الغفلةَ عن قيمة الحياة، وهدف الوجودِ سببٌ للضياع والقلق في هذه الحياة، والنهايةُ مؤلمةٌ حين الورود على الله، وها هي الصورةُ تُقرَّب لك، والمشهدُ يُعرض عليك صباح مساء، فهل أنت مدَّكِرٌ: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (٤).

أي عبدَ الله؛ أيَّ خيرٍ ترتجي، وأيَّ نهايةٍ تنتظر إذا كنت من الغافلين الذين لا يرجون لقاءَ الله، ورضيت بالحياة الدنيا واطمأننت إليها ... تأمل مليًّا قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٥).


(١) سورة الملك، الآية: ٢.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٥٦.
(٣) سورة الزمر، الآية: ١٥.
(٤) سورة ق، الآيات: ١٩ - ٢٢.
(٥) سورة يونس، الآيتان: ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>