للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابًا رحيمًا (١).

أيها المسلمون .. ومن ذا الذي لا يخطئ في هذه الحياة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون» (٢).

ولا شك أن الناس متفاوتون في حجم أخطائهم على قدر إيمانهم ويقينهم بخالقهم، وعلى قدر خوفهم من العذاب أو صبرهم على الطاعات .. ومع ذلك كله فالله يفتح باب الرجاء لمن زلت به قدمه أو عثر به لسانه، أولم تطاوعه جوارحه فسبقته إلى المعاصي. ويقول البارئ جل جلاله: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} (٣). بل لعل الله تعالى يريد من الخلق أن يبقوا دائمًا وأبدًا على صلة به فهم يحبونه ويتبعون أمره في حال عبوديتهم وطاعتهم وإقبالهم على الخيرات وجمع الحسنات .. وهم يخشونه ويطلبون منه المغفرة في حال ضعفهم وزلتهم إذ لا نصير لهم إلا الله .. ولا مجيب لهم سواه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» (٤).

وهذا الحديث كان يكتمه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه رغم معرفته به، ولم يتحدث به إلا حينما حضرته الوفاة وقال: «كنت كتمت عنكم حديثًا سمعته من


(١) سورة النساء، الآية: ٦٤.
(٢) صحيح الجامع الصغير ٤/ ١٧١.
(٣) سورة الزمر، الآية: ٥٣.
(٤) الحديث رواه مسلم، انظر جامع الأصول ٨/ ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>