للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال: «ألم تر» (١).

أيها المسلمون: وتؤكد حادثةُ الفيل أن القوة لله جميعًا ... وإن قوى البشرِ مهما بلغت تتضاءل أمام قوةِ الله ... كما تكشف الحادثة عن ضعف البشر مهما تجبروا وآتوا من قوة أمام سلطان الله.

أجل: لقد أرعد وأزبد أبرهة وأقسم ليهدمنَّ الكعبة، وليصرفن العرب في الحج إلى الكنيسة القُلِّيس التي بناها في صنعاء، وكتب إلى سيده في الحبشة يقول: إني قد بنيت لك أيها الملكُ كنيسةً لمن يبن مثلُها لملكٍ كان قبلك، ولستُ بمنته حتى أصرف إليها حَجَّ العرب ... وحين احتملتُ الحميةُ واحدًا من العرب، فذهب وأحدث في هذه الكنيسة ما أحدث استشاط أبرهة غضبًا، وشكل جيشًا عظيمًا تقدمه الفيلة، وزاد من غيظه أنه حين بعث إلى بني كنانة - قبيلة الرجل الذي أحدث في الكنيسة - يطلب منهم الحج إلى كنيسته قتلت بنو كنانة رسوله، فتجهز الأحباشُ النصارى وساروا بقيادة أبرهة بجيش عرمرم، فتسامعت العربُ بمخرجه وهدفه، فعظموا بيتَ الله ورأوا قتالَ أبرهة والتصدي له واجبًا عيهم، وإن كانوا أقلَّ منه شأنًا، وتعرضوا له بالحرب، ولكنه أوقع فيهم وانتصر على كل من خرج عليه منهم، حتى بلغ بيت الله ... وانتهت دونه الحماية البشرية ولم تبق إلا قوة الله، ولم يبق من ناصرٍ أو معينٍ قادرٍ على دفع الظالمين ... وأنَّى لقريش بضعف قواها ... أو ضعف معتقدها أن تصمد لجيش حطّم القوى قبلها ... وكان من عقل عبد المطلب أن يطلب من قومه الخروج من جوار الكعبة، إذ لا قبل لهم بأبرهة وجيشه، ويقول قولته المشهورة: أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه، وأن توكل حماية البيت إلى ربه والآمر ببنائه،


(١) الجامع لأحكام القرآن: ٢٠/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>