للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحققَ إيمانُنا {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) ويرشدنا إلى أن هذا الخوفَ من أسلحةِ الشيطان ومَكْرِه {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} (٢)، بل ويأمرُنا ربُّنا بمقاتلةِ أولياءِ الشيطانِ، ويؤكّدُ لنا ضعفَ الشيطان {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (٣).

إن عقدةَ المؤامرةِ تُسيطِرُ على مخيّلةِ البعضِ منّا، فكلّ حدثٍ يقعُ - وإن كان عفويًّا - نُحيطُه بهالةٍ معيّنةٍ، ونبحثُ عن مؤامرةٍ خلفَه، وغالبًا ما نُضْفي على عدوِّنا هالةً وراءَ هذا الحدثِ أو ذاك، وهذا يجعلُنا دائمًا نتخوفُ ونحجمُ ونعطي الأمورَ أكبرَ من حَجْمِها، ونَرْفَعُ من أسهُمِ أعدائنا، ونَضَعُ من أسهُمِنا، ونحنُ نشعرُ أو لا نشعر.

إخوةَ الإيمان: صحيحٌ أننا نعيشُ في زمنِ المؤامراتِ العالميةِ والنفاقِ الدولي، والتخطيط الأُمَمي .. لكنّ ذلك كلّه لا ينبغي أن يدعونا إلى المبالغةِ في تقييمِ الأشياءِ، وتناسي سُننِ اللهِ في الكونِ، وضَعْفِ كيدِ الشيطانِ وحِزْبِه، ونصرةِ الله لجندهِ المؤمنين، وكونه مع الذينَ اتقوا والذينَ هم مُحسِنون.

إن من أسرار قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (٤)، أن قوةَ المسلمينَ ليس بالضرورةِ أن تكونَ مكافِئةً لقوةِ الكافرين، وبالتالي فهم إذا أعدّوا القوةَ التي يستطيعونَها، ثم أكملوها بالإيمانِ الحقِّ والعمِل الصالح .. حقّقَ اللهُ لهم النصرَ {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٥).

والمتأملُ - في أحداثِ التاريخ الإسلاميِّ - يرى أن معظمَ، أو كلَّ المعاركِ التي خاضها المسلمونَ وانتصروا فيها على عدوِّهِم، كانوا أقلَّ عددًا وعُدةً منهم


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧٥.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٧٥.
(٣) سورة النساء، الآية: ٧٦.
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٦٠.
(٥) سورة الروم، الآية: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>