للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخططاتِهم، وأفلسوا في عددٍ من مؤامرتِهم وكيدِهم على الإسلامِ والمسلمين، فقد خَطّطَ لقتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بنو النضيرِ، واتفقوا على إلقاءِ حجرٍ على النبيّ صلى الله عليه وسلم فَعلِمَ بمخطّطِهِم وأبطلَ اللهُ كيدَهم، فكانَ هذا الغدرُ سببًا لجلائهمِ عن المدينة، وفي غزوةِ خيبرَ حاولَ اليهودُ قَتْلَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بالسّمّ، فكشفَ اللهُ أمرَهُم، وأنطقَ اللهُ الذّراعَ المسمومةَ، فلفظَ اللقمةَ ثمّ قتلَ اليهوديةَ بعد أن ماتَ أحدُ أصحابهِ (بشرُ بنُ البراءِ) رضي الله عنه متأثرًا بهذا السُّمَّ، كما حاولوا سحرَه صلى الله عليه وسلم فحفظَه اللهُ.

وبلغ كيدُ اليهودِ - في غزوة الخندقِ - مبلغًا كبيرًا، حينما ساهمتْ طوائفُ منهم في التخطيطِ للمعركةِ، من خارجِ المدينةِ، وساهمتْ طائفةٌ أخرى بالغدرِ والخيانةِ - من داخلِ المدينةِ - فأبطلَ اللهُ الكيدَ وفشلتِ المؤامرةُ. وانتقمَ المسلمونَ من يهودَ.

ومن بعد تفرُّقِهم وجلائِهِم عن المدينةِ لم يجتمعْ لهم شملٌ، ولم يستطيعوا تأسيسَ دولةٍ مستقلةٍ عبرَ القرون - بل كانَ غايةُ ما يصنعونَ الكيدَ متستِّرين، أو ممارسةَ الإفسادِ عبر وزراءَ أو مستشارينَ لهم في الدولِ التي مكّنتهم لقربِ الصلةِ بهم (كالعبيد) أو لدولٍ لم تستشعرْ خطرَهم لغفلةِ الأمراءِ والحكامِ المسلمين؟ أو كان تخطيطُهم سرًا لم يشعرْ به المسلمون؟

أما دولةُ اليهودِ اليومَ فلم يقيموها بأنفسِهِم، بل أُقيمتْ لهم بمساعدةِ الآخَرين، وبعدَ قِيامِها لمَ يَستقلّ اليهودُ بضمانِ بقائها، بل لا تزالُ تُحاطُ وتُدْعَمُ من أطرافٍ غير محسوبةٍ على اليهودِ، كالنصارى الذين أخذوا على عاتِقِهم حمايةَ يهودَ، والمطالبةَ بحقوقهم نيابةً عنهم، ويكفي أن يأتي زعيمُ أكبرِ دولةٍ في العالمِ إلى شرمِ الشيخ لينتزعَ قرارًا في المؤتمر لصالح اليهود، ومهما كان حجمُ الداعمِ، فإن من لا يستقلّ بنفسِه حَرِيٌّ بالسقوطٍ، مهدّدٌ بالخطرِ والأُفول.

<<  <  ج: ص:  >  >>