للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في زمان الفتن، حيث قال: لم يكن يُقَصّ في زمانِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان، إنما كان القَصصُ في زمن الفتنة (١).

وعلى سبيل الاحتياط والتحفُّظ نهى الرسولُ صلى الله عليه وسلم عن إتيان الدَّجال فقال: «مَنْ سمعَ بالدّجالِ فلا يأتِه، فإن الرَّجلَ يسمعُ به ويقول: أنا أعرفُه، إنه الكذابُ، ثم لا يلبثُ أن يذهبَ إليه فيَتْبَعُه» (٢).

ويمتد أثرُ العلماءِ من هذه الحياةِ إلى مشاهدِ القيامةِ حين يشهدون على أهلِ الفتنِ والأهواءِ والفجورِ بالتمتيع والإنظار في الحياة الدّنيا، بخلاف ما كانوا يتوهّمون: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣).

عبادَ الله: ومن لم يستطعْ أن يُلِمَّ بالعلم من أطرافِهِ، فلا أقلَّ من العلم بأنواعِ الفتنِ وأسبابِها، وقواربِ النجاةِ من الفتن، وإذا لم يكن لديهِ قدرةٌ على معرفةِ ذلك بنفسِهِ فليسأل أهلَ العلمِ بذلك، كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٤).

واحذروا الفتنَ أيها المسلمون ما ظهرَ منها وما بطن، وتذكروا عُظْمَ وَقْعِها، وتعوَّذوا بالله منها، وتوبوا إلى بارئِكُم، ولا تكونوا ممَّن قال اللهُ فيهم: {أَوَلَا


(١) رواه ابن حبان في الموارد (١١١) وإسناده صحيح وهو موقوف على ابن عمر (المحمود، خطب الجمعة ص (٦٣)).
(٢) معنى حديث صحيح رواه أحمد من حديث عمران بن حصين ٤/ ٤٣١، ٤٤١، وأبو داود (٤٣١٩).
(٣) سورة الروم، الآيتين: ٥٥، ٥٦.
(٤) سورة النحل، الآية: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>