للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسمعوا في الليل الهاتفَ يقول:

أيا سعدُ سعدُ الأوس كنْ أنتَ ناصرًا ... ويا سعدُ الخزرجينِ الغَطارفِ

أجيبا إلى داعي الهُدى وتمنَّيا ... على اللهِ في الفردوسِ مُنيةَ عارفِ

فإنَّ ثوابَ اللهِ للطالبِ الهدى جنانٌ ... منَ الفردوسِ ذاتُ رَفارفِ

لقد تأثرت قريشٌ لإسلامِ سعد .. ففضلًا عن صداقتِه مع بعض زعمائهم قبلَ الإسلام .. كان السيدَ المطاعَ في قومِه .. وبإسلامه دخل في الإسلامِ معظمُهم .. وظلت قريشٌ تُكِنّ له العداوةَ منذ أسلم - وظلّ بعضُ رجالاتها يتحيَّنونَ الفرصةَ للقضاءِ عليه، حتى إذا كانت غزوةُ الأحزابِ رماه (حِبّانُ بنُ العَرقةِ) بسهم في أَكحَلِه - وهو يقول: خذها مني وأنا ابنُ العَرقةِ، فردّ عليه سعدٌ، عَرّقَ اللهُ وجهَكَ في النارِ ثم قال: اللهم إن كنتَ أبقيتَ من حربِ قريشٍ شيئًا فأبقني لها، فإنه لا قومَ أحبّ إليّ من أن أجاهدَهُم فيكَ من قومٍ آذوا نبيَّكَ وكذَّبوه وأخرجوه، اللهم إن كنتَ وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم فاجعَلْها لي شهادةً، ولا تُمِتني حتى تقرَّ عيني من بني قريظةَ (١).

ولقد استجابَ اللهُ دعوةَ سعدٍ .. فما قدمتْ قريشٌ إلى المدينةِ بعد الأحزاب .. واندملَ جُرحُه حتى مكَّنه اللهُ من رؤيةِ ما قرَّتْ به عينُه لبني قريظةَ، ثم انفجر الجرحُ ونزفَ الدمُ، وكانت الشهادة لسعدٍ بعد حكمِه في بني قريظةَ - فما هو موقفُه من اليهودِ؟

أخرج البخاريُّ ومسلمٌ وأحمدُ وابنُ سعدٍ عن عبدِ الرحمنِ بنِ سعدِ بنِ معاذ أن بني قريظةَ - حين نقضوا العهدَ وحاصرَهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم - نزلوا على حكمِ


(١) أخرجه أحمد ٦/ ١٤١، ابن هشام في «السيرة» ٢/ ٢٦٦، سير أعلام النبلاء ١/ ٢٨٢، ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>