للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفرٌ من أبناءِ المسلمين - بعلمٍ أو بجهل - إلى عقائد الأمةِ وأخلاقِها وثوابِتها ومصادرِ التشريع فيها .. ساخرًا مستهزئًا .. أو مشوّهًا ظالمًا، أو مُستَهينًا مستحقِرًا.

وما زال المسلمون بين الفَيْنَةِ والأخرى يسمعون عن أشخاصٍ يسخرون بشيء من شعائر الدين، أو يَلمِزون المطَّوِّعين من المؤمنين، أو يقلِّلون من شأن السُّنةِ النبويةِ، أو يُطلقون لألسنتهم العَنَانَ في الطعنِ بخِيار الأمةِ من الصحابةِ أو التابعين أو العلماء الربّانيين، أو يتحدَّثون عن القِيمِ الإسلاميةِ، والحدودِ الشرعيةِ، وأحكامِ الدين القطعيةِ، على أنها قضايا مطروحةٌ للنقاشِ ولهم الخِيَرَةُ في قَبُولِها أو رفضِها، والله يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١).

إن الاستهزاءَ بشيءٍ من آياتِ اللهِ أو رسلهِ أو المؤمنينَ باللهِ لإيمانهم .. كفرٌ صُرَاحٌ ورِدّةٌ عن الإسلام، وكما قال تعالى: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (٢).

حتى وإن ظن ذلك المستهزئُ عند نفسِه أنه لم يأتِ كفرًا، كما قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ رحِمَه اللهُ في تعليقه على هذه الآية، فدلّ على أنهم لم يكونوا عند أنفسِهم قد أتوا كُفرًا، بل ظنوا ذلك ليس بكفر، فبيّن أن الاستهزاءَ باللهِ وآياتهِ ورسولِه كفرٌ، يُكفّر به صاحبُه بعد إيمانه (٣).

عبادَ اللهِ: ومن أواخِر ما تَسامَع الناسُ به - في مجال السُّخريةِ بآياتِ اللهِ - الغناءُ بالقرآن، وتلحينُ آياتِه على أنغام الموسيقى وآلاتِ الطّرَبِ، ولم يكن هذا غلطةَ ساخرٍ واحدٍ، بل سَرَى ذلك في عدَدٍ من أصحابِ هذه البضاعةِ المُزْجَاةِ، وتناقلت بعضُ الصُّحفِ أسماءَ عددٍ من هؤلاءِ الساخرين، ونَتَج عن هذا نظرةٌ


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٣٦.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٦٦.
(٣) الفتاوى ٧/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>