تزامنَ الفقرُ مع إهدارِ الثرواتِ في البحر، وإحراقِها في البرِّ وربما وقعَ الخوفُ للأغنياء، وكم يشهدُ الناسُ انتشارَ الأمراضِ وتنوُّعَها في زمنِ الطبّ ودقةِ تخصصاتِ الأطباءِ، أجلَ، إنها الحكمةُ الربانيةُ، والبلوى تَحِلُّ وترتحلُ، وتنتقلُ عبرَ الأجيالِ والأممِ، لتؤكِّد وعدَ الرحمنِ في القرآن:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.
وهنا وحولَ هذه الآيةِ أقفُ الوقفاتِ التاليةَ:
أولًا:(ما نوعُ هذه البلوى في الآية؟ )
إنها شاملةٌ للخوفِ من الأعداء، والجوعِ، وذلكَ بقلةِ الطعامِ أو فسادِه، وذهابِ الأموالِ أو بعضِها، وذلكَ بجوائحَ سماويةٍ أو غرقٍ، أو ضياعٍ، أو اعتداءِ الظلمَةِ على الأموال، وموتِ الأصحابِ والأقاربِ والأحبابِ أو مرضهم، وتلك نقصُ الأنفسِ وقلةُ البركاتِ في الثمارِ، فلا تُغِلُّ الحدائقُ ولا تُنتِجُ المزارعُ، وذلكَ نقصُ الثمرات (١).
الوقفة الثانية:(وثمةُ بلايا وأمراضٌ أخرى):
ألسنا نشهدُ في هذه الأيام ونسمعُ عن أمراضٍ لم نسمعْ بها من قبلُ، وما أن ينتهي مرضٌ إلا ويبدأ آخرُ، وهكذا من مسمياتٍ وأمراضٍ لم نسمع بها من قبلُ .. ومن أمراضِ الأورامِ الخبيثةِ المنتشرةِ والمزعجة، إلى مرضِ حمّى الوادي المتصدعِ المرعبة .. إلى الحُمَّى القُلاعيةِ الجديدة .. وهذه الحُمى الجديدة وحسبَ تصريحِ وزيرِ الزراعةِ، فإن عددَ البؤرِ المَرَضيةِ المُسجلةِ لهذه الحُمى إلى نهايةِ العامِ المنصرم (٣٠/ ١٢/ ١٣٢٢ هـ) بالمملكة قد بلغت ستًا وأربعينَ حالةً، وتنتشرُ حسبَ تصريحِ المصدرِ في مناطقِ المملكةِ ومدنِها،
(١) تفسير ابن كثير، والسعدي للآية (١٥٥) من سورة البقرة.