ومواقفهم وخبثَهم، فذلك له حديثٌ خاص - وإنما يتركزُ حديثُ اليومِ عن قضيتنا الكبرى مع اليهود، بمعالمها وأبعادِها وطبيعةِ الصراع فيها لاسيما ونحنُ نسمعُ ونرى - هذه الأيام - أحداثًا داميةً واعتداءً صارخًا على المسلمين، ومحاولاتٍ تتكرر للعبثِ بمقدساتهم واستفزازًا أهوجَ لمشاعرِهم، وما الحوادِثُ التي يدورُ رحاها الآن في فلسطينَ والتي راحَ ضحيتها عددٌ من القتلى ومئاتٌ من الجرحى، إلا حلقةً في هذا المسلسلِ الإجرامي الحقودِ، وحتى ندركَ حجمَ القضيةِ ونعلمَ طبيعةَ المعركةِ مع اليهود نوردُ سؤالًا ثم نجيبُ عليه أو على بعضهِ .. والسؤالُ يقول: ما هي أبرزُ المعالمِ في قضيتنا الكبرى مع اليهود؟
١ - ليست قضيتُنا مع اليهودِ قضيةَ أرضٍ مجردةٍ، يمكن أن نتقاسمَ فيها النفوذَ، وأن نتعايشَ بسلام .. كلا، فالقضيةُ قضيةُ مقدساتٍ إسلامية، وحقوقٍ مغتصبةٍ، قضيةُ حقٍّ يمثلُه الإسلامُ والمسلمونَ تُطمسُ هويتُه ويُشرَّدُ أبناؤه، وباطلٍ تمثِّلُه اليهوديةُ المحرَّفةُ، وينتصرُ له اليهودُ المغضوبُ عليهم والنصارى الضالُّون - قضيتُنا لها بُعدُها العَقَديُّ ولها امتدادها التاريخيُّ.
٢ - وليست قضيةُ فلسطين بمقدَّساتها وتاريخِها قضيةَ العربِ وحدَهم، كما يريدُ الغربُ ومن سارَ في رِكابِهم أن يُشيعوه - بل هي قضيةُ كلِّ مسلمٍ على وجهِ البسيطةِ يؤمنُ بالدِّينِ الحقِّ ويستشعرُ عداوةَ اليهودِ والنصارى للمسلمين، وينتمي لهذه المقدساتِ.
٣ - والقضيةُ - كذلك - ليست حقًّا خاصًّا لمسلمي اليوم يتصرفونَ فيها كيفما شاءوا، ويتنازلونَ إذا اتفقوا، كلا بل هي ميراثٌ وأمانةٌ، ميراثٌ عن الآباءِ وأمانةٌ لا بد من تسليمها للأبناء، فقد فتحَها أسلافُنا بدمائهم، وحرّروها بصدقِ عقيدتهم وجهادهم، ولا يحقّ لنا أن نهدرَ هذه الجهودَ حين غابَ المحررون، كما لا يسوغُ لنا أن نحجرَ على مسلمي الغد فنكبِّلَهُم بمعاهداتِ سلامٍ هزيلة،