للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكونَ للمسلمِ دورٌ فاعلٌ وإسهامٌ واعٍ في إنجاحِها؛ لأنَّ مردودَها في النهايةِ للجميع.

أجل، إنّ حَصْدَ الأرواحِ وإتلافَ الممتلكاتِ، وانتشارَ الإصاباتِ والإعاقاتِ .. كلُّها تنجُمُ حين يغيبُ الوعيُ المروريُّ بأنظمةِ السّيرِ وآدابِ الطريقِ، ويخطئُ من يظنُّ أنّ هذه الأنظمةَ المروريةَ قوانينُ وضعيةٌ .. وبالتالي فلا حرَج في تجاوزِها، ولا خيرَ في عدمِ الالتزامِ بها .. وهنا وقفةُ تصحيح يَقفها العلامةُ الشنقيطي - رحمَه اللهُ - وهو يفرّقُ بين أنواعِ الأنظمةِ الوضعيةِ فيقول: «اعلم أنه يجب التفصيلُ بين النظامِ الوضعيِّ الذي يقتضي ذلك، وإيضاحُ ذلك أن النظامَ قسمان: إداريٌّ وشرعيٌّ، أما الإداريُّ الذي يُراد به ضبطُ الأمور وإتقانُها على وجهٍ غيرِ مخالفٍ للشرع، فهذا لا مانع فيه، ولا مُخالفَ فيه من الصحابةِ فَمَن بعدَهم، وقد عملَ عمرُ - رضي اللهُ عنه - من ذلك أشياءَ كثيرةً ما كانت في زمنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم». ثم ذكرَ الشنقيطيُّ - رحمه الله - أمثلةً لهذه الأنظمةِ، ثم ختم بقوله: «فهذا النوعُ من الأنظمةِ الوضعيةِ لا بأسَ بهِ، ولا يخرجُ عن قواعدِ الشّرعِ من مُراعاةِ المصالحِ العامةِ» (١).

وثمّةَ فتاوى لسماحةِ الشيخ ابنِ بازٍ - رحمه الله - وسماحةِ الشيخ ابنِ عثيمينَ - يرحمه الله - تؤكدُ الالتزامَ بالأنظمةِ الداعيةِ للسلامة، وتُحذّرُ من المخالفاتِ التي تؤدي إلى إزهاقِ الأرواحِ والممتلكاتِ.

أيها المسلمونَ: وثمةَ نوعٌ من التهوّرِ تمارسُه فئةٌ من الشبابِ، وعلى جهاتِ الأمنِ أن تتعاملَ مع أصحابِه بكلّ جدّيةٍ وحزمٍ، وعلى الآباءِ والأولياءِ ألا يشفعوا لأصحابِ هذه الممارساتِ الخاطئة المهلِكة، فهل سمعتم عن قطعةِ


(١) أضواء البيان: ٣/ ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>