إخوة الإسلام .. الله الله أن تغلبوا على هذه السنن، أو تفرطوا في هذه الواجبات، واشكروا الله إذ هيأ لكم هذا اليوم الفضيل لكي تتقربوا فيه إلى الله بالنوافل والواجبات، وجعل لهم يومًا يتفرغون فيه للعبادة، ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا، ويوم الجمعة بالنسبة لنا معاشر المسلمين يوم عبادة وهو في الأيام- كما قال أهل العلم كشهر رمضان في الشهور، وساعة الاستجابة فيه كليلة القدر في رمضان، ولهذا قيل: من صح له يوم جمعته وسلم سلمت له سائر جمعته، ومن صلح له رمضان وسلم سلمت له سائر سنته، ومن صحت له حجته وسلمت له صح له سائر عمره، فيوم الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضان ميزان العام، والحج ميزان العمر، وبالله التوفيق (١).
بل لقد قيل: إن جهنم تسجر كل يوم إلا يوم الجمعة، وسر ذلك والله أعلم- كما نقل ابن القيم- أنه أفضل الأيام عند الله، ويقع فيه من الطاعات والعبادات والدعوات والابتهال إلى الله سبحانه ما يمنع فيه تسجير جهنم فيه .. وقيل كذلك: إن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم، ومن يسلم عليهم، ويلقاهم في ذلك اليوم أكثر من معرفتهم بهم في غيره من الأيام.
فهو يوم يلتقي فيه الأحياء والأموات، فإذا قامت الساعة التقى الأولون والآخرين وأهل الأرض وأهل السماء، والرب والعبد، والعامل وعمله والمظلوم وظالمه والشمس والقمر. ولم يلتقيا قبل ذلك قط. فهو يوم التلاق ويح من يكشف سريرته في هذا اللقاء وقد أضمر من الشر والخداع ما أضمر .. ويا سعادة من يسر إذ تنشر صحائفه على الخلائق .. ذلك فضل الله يؤتيه من