للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (١).

عبادَ الله: ليس هذا حصرًا للملعونين في كتابِ الله وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بيانٌ لشيءٍ منها، وقد عقدَ ابنُ القيمِ رحمه الله في كتابه «الداء والدواء» فصلًا في ذنوبٍ تُدخلُ العبدَ تحت لعنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومن لعنه الله، فزَادت عنده على ثلاثينَ نوعًا، منها ما سبقت الإشارةُ إليه، ومنها من ضارّ مسلمًا أو مكرَ به، ومن آوى محدثًا، ومن انتَسبَ إلى غير أبيه، ومن سبَّ الصحابةَ، ومن أفسدَ امرأةً على زوجها، ومن جعلَ سبيلَ الكافرينَ أهدى من سبيل المؤمنينَ. إلى غير ذلك. ومن شاء المزيدَ فليرجع إليه (٢).

أيها المسلمُ والمسلمة: ادرءوا عن أنفسِكم وأهليكم وأولادِكم أسبابَ لعنِ اللهِ أو لعن رسولهِ صلى الله عليه وسلم إننا نأنفُ من اللعنِ في لغةِ التخاطبِ بيننا، فكيف نرضى باللعنِ من خالِقنا أو نبيِّنا؟ وإذا تطاولَ علينا لاعنٌ بغير حقٍّ دافعْنَا وانتصَرْنا لأنفسِنا. أفلا ندفعُ نزغاتِ الشيطانِ، ونتعالى على أسبابِ اللعن من خالقنا؟ ويومَ أن تسمعوا مثلَ هذه الأخلاقِ السيئةِ والممارساتِ الخاطئةِ المؤديّةِ للعنِ، فلا تظنوا أن المخاطبَ غيرُكم، بل اتهموا أنفسَكم، وجاهدوا أهواءكم، وأصلحوا ذاتَ بينكم، وتناصحوا بالمعروفِ، وتناهَوْا عن المنكر، ولا يأنفْ والدٌ من نصيحةِ ولدِه، ولا يترددُ ابنٌ في نصح أبيه، ولا زوجٌ ولا زوجةٌ في مصارحةِ بعضِهم بعضًا، والمؤمنونَ أخوةٌ وهم نصحةٌ فيما بينهم، والمصيبةُ حين تفشو المنكراتُ ولا مُنكِرٌ، وتحيقُ اللعنةُ أو اللعناتُ في مجتمعِ المسلمينَ ولا


(١) سورة البقرة، الآيتين: ١٥٩، ١٦٠.
(٢) الداء والدواء، ط المدني ص (٨٣ - ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>