بل ينبغي أن نحاسِبَ أنفسَنا ونمارسَ الرقابةَ والقِوامة داخلَ بيوتنا، هذا على مستوى الأفراد.
أما على المستوى الآخَر فينبغي أن يكون للعلماءِ والدُّعاةِ وطلبةِ العلم دورٌ أكثرُ مما هم عليه في التحذيرِ من الجريمةِ وبيان سُبُل الوقاية في المدن والقرى والمناطقِ النائية، وإذا وُجِدَ فقراءُ يحتاجون لسدِّ جَوْعتِهم وستر عوراتِهم .. فثَمّةَ فقراءُ يحتاجون إلى نوع آخر من الطعام واللباس .. إنهم محتاجون إلى غذاءِ الإيمانِ ولباسِ التقوى، محتاجون إلى من يأخذُ بأيديهم إلى برِّ الأمن والإيمان .. ويُحذِّرهم من الفتنِ والشرورِ والآثام والحَيْرِة والقلق.
وعلى صعيد آخرَ، فالجهاتُ المعنيةُ بالأمن وتخفيضِ معدَّلات الجريمة عليها كِفْلٌ كبير من المسؤولية، فهل تَرصدُ أبرزَ مظاهرِ الانحراف بأسبابها وآثارها، ونِسَبها؟ وهل تقوم باقتراح وتنفيذِ البرامج التي تُعالج وتحذِّر .. وتُرغِّب وترهِّب .. أم إن دورها ينتهي عند حدود المتابعةِ للجريمة إذا وقعت .. دون وضعِ حلولٍ مستقبليةٍ تمنع مَثيلاتِها -أو تمنع ما هو أعظمُ منها؟
وباختصارٍ أقول: إن حمايةَ المجتمع من أيِّ انحرافٍ مسؤوليتنا جميعًا أفرادًا ومؤسَّساتٍ، وحين نَصدُق ونُخلِص ونُفكر ونُخطط لابدَّ أن نُنتج.
معاشرَ المسلمين: إن عجلةَ الزمان تدور، والوقتُ يمضي سريعًا، والموفَّق من حَفِظَ وقتَه واستثمرَه لعملِ الصالحات، والكيِّسُ من عَظَّم حُرماتِ الله في حالِ سفره أو إقامته، وفي حال قوّتِه أو ضعفه، والسعيدُ من جاءته منيَّتُه وهو مُستعدٌّ للقاءِ ربِّه، وإذا كان الكثيرُ منا يجهدُ ويخطِّط لدنياه، فكم هم الذين يُفكِّرون ويخطِّطون للآخرة بالقَدْر المناسبِ لطولِ الإقامة فيها، ولنوعِ النعيم أو الجحيمِ الموعودِ فيها؟