للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّينِ} (١)، فلا إكراهَ للشعوبِ على الإسلامِ، إذا كانَ هدفُ الجهادِ في الإسلام إزاحةَ الطواغيتِ التي تُرغمُ الشعوبَ على العبوديةِ لغيرِ اللهِ، وتَحكُمُ فيهمْ بغيرِ شرعِ اللهِ .. وفرقٌ كبيرٌ بينَ هذا اللونِ منَ الجهادِ الإسلاميِّ وبينَ الحروبِ الظالمةِ في الجاهلياتِ القديمةِ والمعاصرةِ، التي تُهلِكُ الحَرْثَ والنَّسلَ، وهدفُها السيطرةُ والاستعلاءُ والاستعمارُ والسَّلبُ والنهبُ.

إخوةَ الإيمانِ: وإذا كانتْ لغةُ القوَّةِ والجبروتِ والعُنفِ فاشلةً على مستوى الدولِ والأممِ، فهيَ كذلكَ سيئةُ الآثارِ والنتائجِ على مستوى الأفرادِ.

نَعَمْ، إنَّ التفاهمَ بينَ الآباءِ والأبناءِ لا تستقيمُ فيهِ لغةُ القوةِ والعنفِ، بلْ هُوَ أحوجُ إلى المفاهمةِ والتقديرِ والاحترامِ والطاعةِ منْ قِبَلِ الأبناءِ، والرحمةِ والشفقةِ والعطفِ منْ قِبَلِ الآباءِ.

وهكذا تخدمُ في العلاقاتِ الزوجيةِ لغةُ التفاهمِ والتعاونِ والرفقِ واللِّينِ أكثرَ ممّا تخدمُ لغةُ القوةِ والتحدِّي والمعاندةِ والمكابرةِ.

وبمثلِ ذلكَ يقالُ عنْ علاقةِ الإخوانِ والجيرانِ .. فهيَ تستقيمُ مَعَ الرأفةِ والرِّفقِ ولينِ الجانبِ والتقديرِ والاحترامِ المتبادَلِ .. ولا تستقيمُ مَعَ الصَّلَفِ والغِلظةِ والجفاءِ، ويستطيعُ المعلِّمُ الناجحُ أن يربِّيَ الطلابَ برفقِهِ وتشجيعهِ وتقديرهِ واحترامهِ للطلابِ .. وقد يُخفقُ حينَ تكونُ لغةُ القوةِ دائمًا والشدةِ أبدًا هيَ وسيلتَهُ في التربيةِ والتعليمِ.

وإذا كانتِ الحيواناتُ التي لا تعقلُ محتاجةً إلى الرأفةِ والرفق .. وتنفرُ منَ الشدَّةِ والغلظةِ .. فكيفَ يسوغُ معاملةُ مَنْ يَعقلونَ بهذهِ الشدَّةِ والغلظةِ التي لا تُنتِجُ إلا نفورًا وفسادًا.


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>