للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحقوقِ أُخوّة الإسلام وواجبِ النُّصرةِ للمسلمين.

وإذا كنا -معاشرَ المسلمين- أُمةً لها تاريخُها ولها تجاربُها وهذا التاريخُ محلُّ فخرٍ واعتزاز، وهذه التجارِبُ رصيدٌ يمكن أن يتأمَّلَه اللاحقون فيستفيدون من تَجرِبةِ السابقين.

إذا كنا كذلك فدعونا نقفْ عند صفحةٍ مشرقةٍ من تاريخِنا تحوَّلَتْ فيه المِحنُ إلى منِحَ، والبلايا إلى إحسانٍ وعطايا، استيقظ فيها الشعورُ الإسلامي، وهبَّ المسلمون في مشرِقِ الأرض ومغرِبها يُغِيثون الملهوفين ويُطعِمون الجائعين .. وخليفةُ المسلمين يتقدَّمُ الصفوفَ ويُلهِب مشاعرَ المسلمين، بل يُنفِق ويعملُ بنفسِه.

أجل، لقد كان العامُ السابع أو الثامنُ عشرة للهجرة موعدًا لقدرٍ ربانيٍّ لحصول مجاعةٍ وقحطٍ شديدٍ أصاب المسلمين في المدينةِ النبويةِ وما حولها .. وسُمِّي ذلك العامُ بعامِ الرمادة، ويُعرِّفُ الإمام الطَّبَريُّ رحمه الله الرمادةَ بقوله: «كانت الرمادةُ جوعًا أصابَ الناسَ بالمدينة ومَنْ حولَها، فأهلكهم حتى جعلتِ الوحوشُ تأوي إلى الإنس، وحتى جعلَ الرجلُ يذبحُ الشاةَ فيعَافُها من قُبحِها وإنه لمُقفِرٌ» (١).

إخوةَ الإسلام: بل تجاوزتِ المجاعةُ في عهدِ الفاروقِ عمرَ -رضي الله عنه- المدينةَ وما حولَها إلى أرضِ اليمن، فقد روى ابنُ سعدٍ: أن رجلًا من اليمنِ جاء إلى عمرَ وهو نائمٌ في المسجد، فنادى: واعُمَراهُ! فاستيقظ عمرُ مذعورًا وركضَ إلى الصوت، وإذا بأعرابيٍّ ممسِكٍ بخِطَام بعيره، والناسُ من حولِه، فلما نظرَ إلى عمرَ قال الناسُ: هذا أميرُ المؤمنين، فقال عمرُ: مَن آذاك؟ وظنَّ أنه مظلومٌ،


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>