للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا وَقَعَ هذا الشعورُ الخاطئُ في زمنِ النبوة، وتطاوَلَ اليهودُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم حينما كلَّمَ نفرًا من اليهود ودعاهم إلى اللهِ عز وجل وحذَّرهم نقمتَه، فقالوا: ما تُخوِّفنا يا محمدُ؟ نحنُ أبناءُ اللهِ وأحبَّاؤُه!

فكذلك النصارى نَكَصُوا عن الحقّ واستكبروا عن إتِّباعِ المرسلين وإن أيقنوا بصِدْقِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ومعرفتِهم بمبعثِه، بل قال هِرقلُ - عظيمُ الروم -: وقد كنتُ أعلمُ أنه - يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم - خارجٌ، لم أكن أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلمُ أني أَخلُصُ إليه لتجشَّمتُ لقاءَه، ولو كنتُ عنده لغَسَلْتُ عن قدمِه .. بل قال هرقلُ - وقد جمع الرومَ في دَسْكَرَةٍ له بحمصَ -: يا معشرَ الروم: هل لكم في الفلاحِ والرُّشدِ وأن يَثبُتَ مُلْكُكُم؟ فتبايعوا هذا النبيَّ (١).

ومع ذلك استكبرَ الخبيثُ وضنَّ بمُلكِه، وقاتلَ المسلمين في معركةِ مُؤْتة (٢).

أيها المسلمون: إذا وقعَ هذا الشعورُ الخاطئُ والاستكبارُ عن الحقِّ من اليهود والنصارى في زمنِ البعثةِ؛ والرسولُ صلى الله عليه وسلم هو الداعي، والمسلمون حينها أعزّةٌ - فمِن بابِ أَوْلى أن تتكررَ هذه المشاعرُ في زمنِ ضعفِ المسلمين وبُعدِهم عن زمنِ النبوة، وتكاثُرِ اليهود والنصارى وغلبتِهم.

بل نجدُ في تقاريرِ اليهود اليومَ أكبرَ من هذا، ويقولون في أحدِ هذه التقارير: ((حينما نمكِّنُ لأنفسِنا فنكون سادةَ الأرض لن نُبيحَ قيامَ أيِّ دينٍ غيرِ دينِنا .. )) (٣).

وجاء في تلمودِهم: ((إن الإسرائيليَّ معتبَرٌ عندَ الله أكثرَ من الملائكة، فإذا ضرب أُمِّيٌّ إسرائيليًا فكأنه ضربَ العزّةَ الإلهية، وإن اليهوديَّ جزءٌ من الله، كما


(١) صحيح البخاري، بدء الوحي، الفتح ١/ ٣٢، ٣٣.
(٢) الفتح ١/ ٣٧.
(٣) العنصرية اليهودية؛ الزغيبي ١/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>