للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم يا عبادَ الله، كلُّنا محتاجٌ إلى التوبةِ النَّصُوح - فكلُّنا مخطِئون، وكلُّنا مُقصِّرون، وما أعظمَ ربَّنا وأرحمَه، وهو يَدعُونا إلى التوبةِ ليغفرَ لنا ذنوبَنا ويكفِّرَ سيئاتِنا وبها يدخلُنا ويُعِيذُنا من النار!

إنها - أعني التوبةَ - تبدأُ بالهمةِ الصادقةِ وتستمرُّ بالعزيمةِ القوية، لتتحوَّلَ الشهواتُ المحرَّمة إلى طاعاتٍ وقُرُبات نأنَسُ بها في الدنيا، ونجدُ أجرَها يوم نرِدُ على الله.

يا مَنْ غَلَبتْهم شهواتُهم وأهواؤُهم في رجبَ وشعبانَ - أفلا تَغلبِونها في رمضانَ ومِن بعدِ رمضان؟ ويا من سوَّفتَ في التوبة وأرجأتَ الإقلاعَ عن المعصية .. ها هو شهرُ رمضان حلَّ وما تدري أتدركُه عامًا آخرَ أم لا، بل ولستَ تدري أتُتِمُّ شهرَ الصيام حَيًّا .. أم تكونُ في عِدادِ الموتى وشهرُ الصيام لا يزال حيًّا؟

إنني أَدْعو نفسي وإياكَ للتوبةِ دائمًا .. وفي شهرِ الصيام فابدأْ وتوكَّلْ على الله، واعلمْ بأنك تَرِدُ على كريمٍ غفَّار يَبسُط يدَه بالليل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ الليل - فلا تستكثرْ معاصِيَك عن التوبة .. وفتِّش وأنت أدري بنفسِك وبمعاصيك واعقِدِ العزمَ على التوبة، واحمَدْ ربَّك على أن بلَّغَك شهرَ رمضان، وستجدُ له طعمًا آخرَ حين تبدؤُه بالتوبةِ وتختمُه بالشكرِ والحمدِ لله، فما بكم من نعمةٍ فمِنَ الله .. ومَن شَكَر فإنما يشكُر لنفسه.

أيها الراغبُ في التوبة، فإن قُلتَ: فما الطريقُ إلى التوبة، وهل من أمورٍ تُعِينُ على التوبة؟ فإليك عشرين طريقًا وسببًا للتوبة وهي: الإخلاصُ لله، وامتلاءُ القلبِ من محبَّتِه، المجاهدةُ، قِصَرُ الأمل، العلمُ، الاشتغالُ بما ينفعُ، البُعْدُ عن المُثِيراتِ ودواعي المعصية، غضُّ البصر، مصاحبةُ الأخيار، مجانبةُ الأشرار، النظرُ في العواقبِ، هجرُ العوائدِ، هجرُ العلائقِ - من دونِ الله -

<<  <  ج: ص:  >  >>