للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتنبيهاتِ حولَ الموتِ والجنائز:

أولًا: مَنْ أَكْيسُ الناسِ؟ سألَ رجلٌ من الأنصار رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيُّ المؤمنين أفضلُ؟ قال: ((أحسنُهم خُلُقًا)) قال: فأيُّ المؤمنين أَكْيسُ؟ [أي أعقلُ] قال رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثرُهم للموتِ ذِكْرًا، وأحسنُهم لِمَا بعدَه استِعدادًا، أولئك الأكياسُ)) حديث حسن (١).

وهكذا فالكيِّسونَ لا يَكتفُون بذِكْرِ الموت، بل يُحسِنُون الاستعدادَ له.

ثانيًا: لماذا الخوفُ من القبرِ؟ في ((صحيحِ سنن التِّرمذيِّ))، و ((صحيحِ سنن ابن ماجه)): أن عثمان بن عَفَّانَ رضي الله عنه كان إذا وقفَ على قبرٍ بكى، حتى يَبُلَّ لحيتَه، فقيل له: تَذكُرُ الجنةَ والنارَ فلا تبكي وتبكي مِن هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ القبرَ أولُ مَنزِلٍ من منازلِ الآخرةِ، فإنْ نَجَا منه فما بعدَه أَيسرُ منه، وإن لم يَنْجُ منه فما بعدَه أشدُّ منه)) قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيتُ مَنظَرًا قطُّ إلا القبرُ أفظعُ منه)) (٢).

فهل نتذكَّرُ هَوْلَ هذا المنظرِ ونستعدُّ لما بعدَه، وهل ننظرُ للقبورِ حين نزورُ المقابرَ بهذه النظرةِ الواعيةِ العاملة؟

ثالثًا: حُسْنُ الظنِّ بالله دائمًا ولا سيما عند نزولِ الموت، وهذا الخوفُ من القبرِ وما بعدَه لا ينبغي أن يُغيِّبَ عَنَّا حُسنَ الظنِّ بالله ورجاءَ عفوِه ومغفرتِه، مع الخوفِ منه وحُسنِ العملِ له، فقد دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم على شابٍّ وهو في الموتِ فقال: ((كيف تَجِدُك؟ )) قال: أرجُو اللهَ يا رسول الله، وأخافُ ذُنوبي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَجْتمعانِ في قلبِ عبدٍ - في مثلِ هذا الموطنِ - ألا أعطاه


(١) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤١٩.
(٢) صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٦٧، صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>