للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنَّ الشيءَ الذي ينبغي أنْ يُدرَكَ جيدًا، أنَّ ضعفَ الأمرِ بالمعروفِ وانحسارَ النهيِ عنِ المنكرِ في مجتمعٍ ما منَ المجتمعاتِ ذو خطورةٍ بالغةٍ ومضاعفةٍ، فليستِ المشكلةُ في ضعفِ الأمرِ والنهيِ وقلّةِ الخيرِ وضعفِ الأخيارِ، بلْ فوقَ ذلكَ قوةُ المنكرِ وسيطرةُ الأشرارِ والنهيُ عنِ المعروفِ وغيابُ الأخيارِ .. وحينَ يبلغُ الفسادُ بالمجتمعِ هذا المبلغَ فقُلْ: على الفضيلةِ السلامُ، وصلِّ صلاةَ الغائبِ على الأخيارِ، إلا أنْ يتداركَهمُ اللهُ برحمتهِ، ويبعثَ فيهمْ مَنْ يوقظُهمْ منْ رقدتِهمْ.

عبادَ اللهِ: وإذا اختلفَ الناسُ في أسبابِ الفلاحِ، وعواملِ البقاءِ، وأسبابِ الشقاءِ، وعواملِ الفناءِ، فالحُكمُ للهِ، والمرجعُ شرعُ اللهِ .. واللهُ يقصُّ الحقَّ وهوَ خيرُ الفاصلينَ، ويقولُ في مُحكمِ التنزيلِ (موضِّحًا أسبابَ النجاةِ والهلاكِ): {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَآئِمُونَ (٩٧) أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} (١).

ويقولُ تعالى في سورةٍ أخرى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} (٢).

أيُّها الناسُ: ومنذُ القِدَم والناسُ منهمْ مؤمنونَ ومؤمناتٌ يأمرونَ بالمعروفِ


(١) سورة الأعراف، الآيات: ٩٦ - ١٠٠.
(٢) سورة الجن، الآيتان: ١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>