للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَرْشِ، ومنهمْ خَزَنةُ النَّار، ومِنْهُم الموَكَّلُ بِالعذاب، ومِنهمْ ومِنهم .. وكلُّهم لا يَعْصونَ اللهَ ما أمَرَهُم ويفعَلون ما يُؤْمرون، وحينَ تَسْمعُ عَنْ حَمَلةِ العَرْش، قولَهُ تَعَالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (١).

فاسمعْ إلى عظمةِ خَلْقِ هؤلاءِ في خَبَر الذي لا يَنْطِقُ عن الهَوى، إذ يقولُ صلى الله عليه وسلم: «أُذِنَ لي أَنْ أُحدِّثَ عن مَلَكٍ منْ ملائِكَةِ اللهِ تعالى مِنْ حملةِ العرْش، إنَّ ما بَيْنَ شَحْمةِ أُذُنِه إلى عاتِقِه سبْعُ مئةِ سنةٍ» (٢).

أيها الناسُ: وهناكَ مشاهدُ كونيةٌ يراها الناسُ بأعينهمْ تتكررُ في الصباحِ والمساء، وهيَ جزءٌ منْ عظمةِ اللهِ في كونه- وآيةٌ على وحدانيتهِ وداعيةٌ إلى العبوديةِ والشكرِ له سبحانه: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ، وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ، لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ، سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} (٣).

نعم، إنَّ الحياةَ معجزةٌ لا تملكُ يدُ البشرِ أنْ تُجربَها، إنما هيَ يدُ اللهِ تُجري المعجزاتِ، وتبثُّ روحَ الحياةِ في المواتِ، فإذا الجنانُ الوارفةُ، والثمرُ اليانع- يُسقى بماءٍ واحد ويختلفُ في أكلُهِ وطعمِه-، الخالقُ واحدٌ، والمخلوقُ متنوعٌ؛ ذكرٌ وأنثى، حلوٌ وحامضٌ، رطبٌ ويابسٌ، أبيضُ، وأحمرُ، وغرابيبُ سود، {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} (٤)، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٥)، {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي


(١) سورة الحاقة، الآية: ١٧.
(٢) رواه أبو داود، عون المعبود ٤٧١٢، وصححه الألباني في الصحيحة رقم ١٥١.
(٣) سورة يس، الآيات: ٣٣ - ٣٦.
(٤) سورة يس، الآية: ٣٦.
(٥) سورة الملك، الآية: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>