للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها المسلمون: لقد امتُحنَ المؤمنونَ السابقونَ على النصرِ، وزُلزلوا وفيهمُ الأنبياءُ والمرسلونَ حتى إذا صبروا وصدقوا جاءهمْ نصرُ الله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (١).

ثم ذُكِّرَ المسلمونَ اللاحقونَ لهمْ بهذهِ السُنَّة، وقيلَ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (٢).

ومنْ هنا يمكنُ القولُ: إنَّ منْ سُننِ اللهِ أنَّ حلولَ الباساءِ والضراءِ- بأهلِ الإسلام- مقدماتٌ للنصر، إذا صبروا وجاهدوا، وأخلَصوا في صدقِ توجُّههمْ إلى الله.

نعمْ إنَّ الأمةَ قد تُصابُ بالنكباتِ والويلاتِ والمحنِ والمآسي، ولكنها تُخطئُ الطريقَ في توجُّهِهَا، فتستجدي الكافرين، أو تطلبُ النصرَ منْ أعدائِها، وقد تغضُّ الطرفَ عنْ موالاةِ المؤمنينَ في حالِ محنتِهم وحاجتِهم للنُّصرة، فيحلُّ بهمْ ما حلَّ بإخوانهم ومُحالٌ أن يأتيَ النصرُ حتى يتوجَّهُ المسلمون بكلِّيتهم إلى الله، ويحققوا مفهومَ الولاءِ مع المؤمنين، والبراءِ منَ الكافرين، وفي هذا توجيهُ ربِّنا تباركَ وتعالى يقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (٣).

٢ - الفسادُ والفسوقُ معوقاتٌ عنِ النصر:

وفي مقابل السُّنة الماضيةِ فإنَّ ظهور الفسادِ وشيوعَ الفسقِ وطغيانَ الترفِ،


(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٤٢.
(٣) سورة التوبة، الآية: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>