للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتدتِ الأَزماتُ وتكالبَ الأعداءُ، ولكنْ لا بدَّ معَ الإيمانِ منْ عملٍ، ومعَ اليقينِ منْ جهدٍ يُبتلى فيهِ الإيمانُ ويتميَّزُ الصادقونَ من الكاذبين: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (١).

إنَّ منْ معوِّقاتِ النفسِ عن الجهادِ: حبَّ الآباءِ والأبناءِ والإخوانِ والأزواجِ والعشيرةِ والأموالِ والتجارةِ التي يُخشى كسادُها، والمساكنِ التي تُرضى، وإيثارَ السلامة والإخلادِ للراحةِ والدَّعَةِ .. وتلكَ التي حذَّرَ اللهُ منها المؤمنينَ بقولِهِ: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (٢).

إنَّ ما عند اللهِ خيرٌ وأبقى .. وهذهِ الحياةُ الدنيا متاعٌ، والآخرةُ هيَ دارُ القرارِ.

وماذا بعدَ أنْ تُهانَ كرامةُ المسلمينَ ويُسخَرَ بديِنِهمْ ونبيِّهم، ويُهدَّدوا بالاحتلالِ في قعرِ ديارِهمْ .. إنَّ المسلمينَ وُعِدوا إحدى الحسنَييْن: فإمّا النصرُ وإمّا الشهادةُ.

مَنْ لمْ يمُتْ بالسيفِ ماتَ بغيرِهِ ... تنوَّعتِ الأسبابُ والموتُ واحدُ

فإمّا حياةٌ تسرُّ الصديقَ ... وإمّا مماتٌ يّغيظُ العِدا

ولنْ تموتَ نفسٌ حتى تستكملَ رزْقَها وأجلَها، لقدْ أصيبَ المسلمونَ بالوهنِ، وطغى عليهم حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموتِ، ومن عجبٍ أنَّ غيرَ المسلمينَ باتوا يُفادُونَ بأنفسِهمْ وهمْ على الباطلِ، ويَرحلونَ منْ بلادِهم ويهاجِمونَ دونَ هدفِ


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٤٢.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>