الإمامُ أحمدُ وغيرُه بإسنادٍ صحيح عن عبدِ الله بن عمرِو بن العاص رضي الله عنهما قال: كنتُ عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذُكِرَت له الأعمالُ، فقال: ما من أيامٍ العملُ فيهنَّ أفضلُ من هذه العشرِ، قالوا: يا رسولَ الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ فأكبره، فقال:«ولا الجهادُ، إلا أن يخرجَ رجلٌ بنفسِه ومالِه في سبيلِ الله، ثم تكونَ مهجةَ نفسِه فيه»(١).
يا عبدَ الله، الفرصُ غاليةٌ، والعمرُ قصيرٌ، والفتنُ متلاحقةٌ، وسِلعةُ الله غالية .. فهل تضعُ لك سهمًا وافرًا في المبادرة؟ وهل تتساوى عندَك الأيامُ، أم أنك تشعرُ بالتقصيرِ وتفرَحُ بهذه الأيامِ لتسدِّدَ وتقاربَ وتكسبَ مع من يكسبُ في الموسم؟
هذه الأيامُ العشرُ فرصتُك- يا أخا الإيمانِ- في تجديدِ العزمِ على القيامِ بالفرائض، فهي أحبُّ ما تَقرَّب به العبدُ إلى ربِّه، وفرصتُك في الزيادةِ من النوافلِ فهنَّ جابراتٌ ومكمِّلاتٌ للنقص- ولئن كانت فرصُ الطاعةِ كثيرةً من صلاةٍ وصيام، وذِكرٍ وتلاوةٍ للقرآن، وصِلَةٍ ودعوةٍ، وأمرٍ بالمعروفِ ونهيٍ عن المنكر، وصدقةٍ وبرٍّ وإحسانٍ وحجٍّ وأضاحيَ، فقد أرشدَ المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى كثرةِ الذِّكر في هذه الأيام، وقال:«فأكثِروا فيهنَّ من التهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ» ورغَّبك في الصيامِ، وصيامُ عَرَفةَ يكفِّرُ سنتين، وللدعاءِ مَزِيّةٌ في العشرِ لا سيما في يوم عرفةَ، فخيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفة- كما أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم- وكم لكَ من حاجةٍ، وكم بالمسلمينَ من فاقةٍ ومِحنةٍ، فهل ترفعُ أكُفَّ الضراعةِ وقلبُكَ خاشعٌ وعينُك تدمعُ لتدعوَ لنفسِك والأقربين وللمسلمين، وربُّك يجيبُ المضطرَّ إذ دعاه؟ ويكشفُ السوءَ، وهو قريبٌ يستجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دعاهُ، ألا فليُعلَمْ أن