تلك، وما مد تقديركَ للفرصِ وما حجمُ استثماركَ للمَغْنم؟
وأقفُ اليومَ مُذِّكرًا نفسي وإياكمْ ببعضِ ما ينبغي التذكيرُ به، والذكرى تنفعُ المؤمنين، ومنْ تذكرَ فإنما يتذكرُ لنفسه، وأرجو أنْ تكونَ هذهِ الوقفاتُ مُذكِّرةً للحُجاجِ وغيرِ الحُجّاج.
الوقفةُ الأولى: رغمَ كثرةِ الحديثِ عنْ «عشرِ ذي الحجة» وفضلِها ومَزِيّةِ عملِ الصالحاتِ فيها، إلا أنَّ هناكَ نفرًا منَ المسلمينَ لا يَقْدُروها حقَّ قدْرِها، فهيَ عندَ هؤلاءِ فرصةٌ للرحلةِ والاستجمامِ داخلَ البلادِ أو خارجَها- لا شك أنَّ الاستجمامَ المنضبطَ بضوابطِ الشرعِ لا حرج فيه ولكنَّ التفريطَ في الوقتِ، والتقصيرَ في عملِ الصالحات، والغفلةَ عنْ الذكرِ في هذهِ الرحلاتِ لا يليقُ بالمسلمِ في كلِّ وقت، ولا سيما في الأزمانِ الفاضلةِ كهذهِ العشر، أمّا إنْ صحِبَ هذهِ الرحلاتِ محظوراتٌ شرعيةٌ ومنكراتٌ منَ القولِ أَو الفعل، واستهانةٌ بالحُرمات، وتجاوزٌ على سياجِ المحرَّماتِ .. فذلكَ خللٌ بلْ سَفَهٌ، وعلى المسلمِ أنْ يعصمَ نفسَهُ منه، ويفطمَها عنهُ في كلِّ حين ولا سيما في وقتٍ يشتغلُ المسلمونَ فيهِ بالذكرِ ويتسابقونَ إلى القربات.
الوقفةُ الثانية: وعلى الذين يعيشونَ نعمةَ الأمن ورغدَ العيشِ أنْ يتذكروا إخوانًا لهمْ منَ المسلمينَ ضاقتْ عليهمُ الأرضُ بما رَحُبتْ؛ فلا أمنَ يتنفَّسونَ في أجوائه، ولا رَغَدَ منَ العيشِ يُعينُهم على مزيدٍ منَ البذلِ والقُرباتِ، وهؤلاءِ وأمثالهمْ ممنْ يعيشونَ ظروفًا صعبةً منَ المسلمين، منْ أقلِّ حقوقهمْ علينا أنْ لا ننساهمْ بالدعاء، وإنِ امتدتْ أيديَنا إليهمْ بشيءٍ منَ المساعدة، فهمْ أحوجُ ما يكونونَ إلى الإغاثةِ والمساعدة، ونحنُ في مثلِ هذهِ الأيامِ الفاضلةِ أحوجُ ما نكونُ إلى ثوابِها.