شكَّ أنَّ الإسرافَ في المأكولاتِ والإخلادَ إلى الراحةِ والكسلِ .. والشَّرَهَ في استخدامِ المعلَّبات والمستورَداتِ سببٌ منْ أسبابِ انتشارِ هذهِ الأمراضِ، ومِنَ الحِكَمِ النافعةِ: (المعدةُ بيتُ الأدواءِ، والحِمْيةُ رأسُ كلِّ دواءٍ، وأعط كلَّ جسدٍ ما عودتَهُ).
عبادَ اللهِ: والأمرُ أدهى وأمرُّ حينَ يتجاوزُ أثرُ الإسرافِ في المطعمِ والمشرب مَرَضَ الأبدانِ إلى مرضِ القلوبِ، فيتثاقلُ المسلمُ عنِ الواجباتِ المفروضةِ، ومِنْ أهمِّها الصلاةُ، فلا يأتيها إلا متأخِّرًا كسولًا، وربِّما أكلَ وشَبعَ واستغرقَ به النومُ حتى فوَّت الفريضةَ عنْ وقتِها، أو حَرَمَ نفْسَه أجرَ الجماعةِ والحضورِ للمساجدِ، وربما أسرفَ في الإنفاقِ ومَنَعَ الواجبَ منَ الزكاةِ أو المأمورِ به منَ الصدقاتِ، أو يزيدُ في الإسرافِ فينتهكُ محارمَ اللهِ بأكلِ محرّمٍ أو شربِ محرَّمٍ، أو يمتدُّ على أريكتهِ- بعدَ أنْ شَبعَ منْ نِعَمِ ربِّه- ليُسمعَ أذنَيْهِ الحرامَ منَ الغناءِ .. أو يُريَ عينيهِ مشاهدَ العُهرِ والفجورِ .. وربما تجاوزَ فاستحلَّ الفروجَ المحرَّمةَ وهَتَكَ الأستارَ واستهترَ بالقيَم.
أهكذا يكونُ الشكرُ يا عبادَ اللهِ؟ ! أفيُنعِمُ عليكَ ربُّك بنِعَمِه ثمَّ تجاهرُه بالمعصيةِ؟ أيقاَبلُ الإحسانُ بالإساءةِ، والعطاءُ بالجحودِ والنكرانِ؟ ليستْ تلكَ منْ شِيَم الكرماءِ العقلاءِ فضلًا عن المسلمينَ وأهلِ القرآن، أمَا يَخشى المسرفونَ العقوبةَ في الدنيا والآخرةِ، واللهُ يقولُ: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (١).
(١) سورة طه، الآية: ١٢٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute