يكابد في تجارته ويفكر في مكاسبه وخسائره .. وربما نام الفقير وهو يقظان وأكل الفقير وأنكح أكثر من الغني.
إنه الكبد لا يسلم منه الزعماء والعظماء وإن كانوا في أبراج عاجية وقصور وخدم وحشم فللمسئولية كبدها وللزعامة والرئاسة ضريبتها .. وللأمانات والمسئوليات حمالتها.
والكبد لا يُعفى منه العلماء وإن وصلوا إلى مراتب علية في العلم والمعرفة .. وهل حصَّلوا تلك العلوم وحازوا تلك المعارف إلا على جسور من التعب والكبد والسهر؟
إنَّ نصب العالم كامن في مسئولياته .. فحمل العلم وأداؤه وإبلاغه كل ذلك فيه كبد ونصب .. والميثاق المأخوذ على أهل الكتاب وزكاة العلم وحشية العلماء لربهم كل ذلك لا يتأتى دون نصب وكبد وجد ومجاهدة.
أين من يسلم من الكبد .. ؟ وإن تفاوت أنواع الكبد؟
لا إله إلا الله قدر أن يعمر الكون بالكبد وشاء أن يقوم سوق الحياة على النصب {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه}.
عباد الله لا يكفي أن نعلم كبد الحياة، وشمولها لبني الإنسان ولكن المهم كيف نتعامل مع هذا الكبد؟ وكيف نستفيد من هذا الكبد، وما نهاية الكبد وثمرته؟ وكيف نخفف من مكابد الحياة ومشاقها؟
إن المسلم يختلف عن غيره في نوع الكبد وغايته .. فهو مأجور على نصبه وهمّه وغمّه مادام يعبد الله ويخشاه، فما يصيبه من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
والمؤمن ينصب ويكدح في هذه الحياة ليستريح بعد الممات إنه يكدح وهو مستيقن بلقاء ربه، مطمئن أنه سيجازى على جهده وعمله .. ومن هنا فهو