للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولله در الإمام أحمد حينما بلغه أن المسلمين في بلاد الروم كانوا- وهم في الغزو - إذا هدأ الليل رفعوا أصواتهم بالدعاء له، وكانوا يرمون المنجنيق باسمه حتى سقط رأس علج من درقته .. فلما بلغ أحمد الخبر تغيَّر وجهه وقال: ليته لا يكون استدراجًا (١).

أيها المسلمون ومما يعين على المحاسبة ما قاله ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع المحاسبة أن يجلس الرجل عندما يريد النوم ساعة يحاسب فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحًا بينه وبين الله، فينام على تلك التوبة، ويعزم على ألا يعاود الذنب إذا استيقظ ويفعل هذا كل ليلة، فإن مات من ليلته مات على توبة، وإن استيقظ استيقظ مستقبلًا للعمل مسرورًا بتأخير أجله حتى يستقبل ربَّه ويستدرك ما فات (٢).

ألا ما أحوجنا إلى هذه الساعة من المحاسبة، وكم نغفل عنها، فهل نمارسها قبيل النوم من الليل والليل- كما يقال - أخطر للخاطر وأجمع للفكر.

يا أخا الإسلام حاسب نفسك على عمل السيئات وهل استغفرت وكفَّرت عنها، وعلى عمل الصالحات هل فرحت بها وسألت ربَّك قبولها؟ حاسب نفسك على نوع الكلام الذي صدر منك، وفرق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، حاسب نفسك على مطعمك ومشربك، وكل جسد نبت على سحت فالنار أولى به وحاسب نفسك على العدل والإنصاف، والظلم ظلمات يوم القيامة حاسب نفسك على استثمار الوقت، والوقت أغلى ما نملك والمغبون من فرط فيه أو استخدمه فيما يغضب الله.


(١) (السير ١١/ ٢١٠).
(٢) (الروح لابن القيم/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>