أجل لقد عرف الناس مسلمهم وكافرهم، وفي أقصى المعمورة وأدناها كيف تتحول هذه الأرض المذللة بإذن باريها إلى خَلْقٍ آخر يُدمِّر ما حوله في ثوان معدودة .. لا يملك البشر مهما أوتوا من قوة تذليلها ومنع كوارثها إنها حين تضطرب وتهتز وتقع الزلازل والبراكين المدمرة يتحطم كل شيء على ظهرها بناه الإنسان وشيده لعدة قرون أو نغوص في أعماق البحار والمحيطات حين تقع خسوف هنا أو هناك وتغيب قرى بأكملها وأناس وحيوانات في البر والبحر فسبحان القوي العزيز. وكذلك يشهد الناس حين تثور العواصف الحاصبة التي تدمر وتخرب، وتحرق وتصعق، والبشر بإزائها ضعاف لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا حتى يأخذ الله بزمامها ويُسكِّن رياضها، ويوقف أعاصيرها فتنقاد وتلين؟ فمن غير الله يبدئ ويعيد؟ الله القوي العزيز وبيده ملكوت كل شيء:
قل للطبيب تخطفته يد الردى ... من يا طبيب بطبِّه أرداكا
قل للمريض نجى وعوفي بعدما ... عجزت فنون الطب من عافاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ... شهدًا وقل للشهد من حلاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سمَّه ... فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبان ... أو تحيا وهذا السم يملأ فاكا
فالحمد لله العظيم لذاته ... حمدًا وليس لواحد إلاكا
إن الإنسان قوي بالقدر الذي وهبة الله من القوة، عالم بالقدر الذي أعطاه الله من العلم، ولكن هذا الكون الهائل زمامه بيد خالقه، ونواميسه من صنعه، وكل شيء بقدر الله وتقديره {إنا كل شيء خلقناه بقدر} وحين ينسى الإنسان هذه الحقائق فيطغى ويغتر وينخدع، بما أوتي من علم أو مال أو قوة، فإنه يصبح مخلوقًا مسيخًا مستكبرًا مقطوعًا عن الله ولا يبالى الله به بأي واد هلك هذا النوع من الخلق!