للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله من خشوع النفاق، قالوا: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعًا، والقلب ليس بخاشع» (١).

معاشر المسلمين- وليس من الخشوع الصادق المسكنة الفارغة، والضعف المذل، والسلبية والانطوائية، وضعف الإنتاج، وطأطأة الرأس دون وجل القلب وقوته، ويروى أن عمر رضي الله عنه أبصر شابًا قد نكس رأسه فقال له: يا هذا: ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب» فمن أظهر خشوعًا غير ما في قلبه فإنما هو نفاق على نفاق (٢).

هذه معاشر المسلمين ضروب من التخشع الكاذب فاحذروها، واعلموا أن الخير كل الخير فيما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن سار على نهجهم، وأولئك جاء في القرآن صفة خشوعهم، وأبانت السنة الصحيحة كيفية عبادتهم وهيئة خشوعهم، يقول الحق تبارك وتعالى في وصف أحوال أهل المعرفة عند سماع الذكر والتنزيل {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ... }.

وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه في المسألة، فخرج ذات يوم، فصعد المنبر فقال: «سلوني، لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ما دمت في مقامي هذا» فلما سمع ذلك القوم أرموا- أي سكتوا- ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر، قال أنس: فجعلت ألتفت يمينًا وشمالاً فإذا كل إنسان لافٌّ رأسه في ثوبه يبكي ... الحديث.


(١) أورده السيوطي في الدر المنثور، ونسبه لابن المبارك وأحمد في الزهد، وابن أبي شيبة عن أبي الدرداء، انظر: الخضوع في الصلاة لابن رجب تحقيق علي حسن/ ٢١.
(٢) المرجع السابق/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>