للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحرصوا على هذين الأمرين الإتباع والإخلاص تهتدوا وتسلموا.

أيها المسلمون وأحيانًا تكون الحيدة عن هدي الكتاب والسنة بسبب الرغبة في زيادة الخير والغلو في الدين، والإسلام يمنع الزيادة التي لم يأذن بها الله، ولم يهد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعًا لمداخل الشيطان وحفاظًا على وحدة الأمة من الفرقة والشتات وحذرًا من الفتنة في الدين، وفي قصة النفر الثلاثة الذين جاءوا يسألون عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالّوها، وأرادوا المزيد عليها - عبرة وعظة - فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال الآخر أنا أصوم النهار ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (١).

وروي أن رجلًا قال لمالك بن أنس رحمه الله: من أين أُحرم؟ قال: من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟ قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة، قال وأيُّ فتنة في ازدياد الخير؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: ٦٣] وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خُصصت بفضل لم يُخصَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم) (٢).

عباد الله ومن أسباب الزيغ والاختلاف المبالغة في الأسئلة والتكلف فيما لا يعني، والجدل العقيم واتخاذ المراء ديدندًا وطريقة، قال عليه الصلاة والسلام


(١) (الحديث متفق على صحته: البخاري في النكاح ٩/ ٨٩، ٩٠، ومسلم في النكاح ح ١٤٠١).
(٢) [المجموعة الثانية من خطب ابن حميد/ ١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>