أهمية هذه الأخلاق في أحاديثنا فالأهم أن نمارسها في واقعنا وأن ننصف بها إخواننا.
إن ممارسة الأخلاق المرذولة سهل، ولكن الترفع عن الهنات وستر العورات والتعامل بلطف مع الزلات، وممارسة أعالي الأخلاق هو الذي يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس، انظروا إلى إمام من أئمة الجرح والتعديل وهو يمارس الخلق الرفيع ويقول:«ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه فإن قبل وإلا تركته»(١).
إنه نموذج رفيع للتعامل مع الأخطاء والزلات، فهل نمارسه؟
٣ - والعلم والورع سبب للتأليف ووسيلة عظمى لجمع كلمة المسلمين، وكلما كان المرء ذا علم واسع وورع كلما اجتمعت عليه القلوب، وكلما اتسع أفق الإنسان كان أقدر على تقدير الآخرين واتسع صدره للمخالفين.
أما الجهل أو التعالم فهو سبب للفرقة وضيق الأفق، وكم جنى أولئك المتعالمون على الأمة وكم أصبحت أعراض العلماء والدعاة كلأً مباحًا لمبتدئين في العلم، ظنوا أنهم إذا اطلعوا على بعض الكتب أو نالوا شيئًا من الشهادة قد بلغوا في العلم مبلغًا يؤهلهم لنقد هذا وتقويم ذاك، وتلك ظاهرة قديمة تتجدد، وهذا الإمام أحمد بن علي بن الآبار يقول - في زمنه - رأيت بالأهواز رجلاً حف شارته، وأظنه قد اشترى كتبًا، وتعبأ للفتيا، فذكروا أصحاب الحديث فقال: ليسوا بشيء، وليسوا يسوون شيئًا، فقلت له: أنت لا تحسن تصلي، قال أنا؟