للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب، وصلى المسلمون صلاة الظهر وصلاة العصر إيماء، وأصيب جرجة رحمه الله ولم يصل لله إلا تلك الركعتين مع خالد رضي الله عنهما.

وضعضعت الروم عند ذلك، ثم نهد خالد بالقلب حتى صار في وسط خيول الروم، فعند ذلك هربت خيالتهم، واشتدت بهم في تلك الصحراء، وأفرج المسلمون بخيولهم حتى ذهبوا، وأخر الناس صلاتي العشاءين حتى استقر الفتح، وعمد خالد إلى رحل الروم وهم الرجالة ففضوهم عن آخرهم حتى صاروا كأنهم حائط قد هدم، ثم تبعوا من فر من الخيالة واقتحم خالد عليهم خندقهم، وجاء الروم في ظلام الليل إلى الواقوصة، فجعل الذين تسلسلوا وقيدوا بعضهم ببعض إذا سقط واحد منهم سقط الذين معه.

قال ابن جرير وغيره: فسقط فيها وقتل عندها مائة ألف وعشرون ألفا سوى من قتل في

المعركة.

ألا ما أبعد البون بين ذكر خالد - رضي الله عنه - وذكر أبيه، وذلكم الفرق بين الإسلام والكفر، ألا وإن التاريخ سجل حافظ، وكما تعطر صفحاته بجهاد المجاهدين وفتح الفاتحين، وإذا كان هذا في الدنيا، فالذكر أعظم والفضيحة أسوأ في الآخرة حين تكون على رءوس الأشهاد، ألا فليجاهد المسلمون بأموالهم وألسنتهم وأيديهم، فالزرع محفوظ، وليستكبر الملأ الظالمون، ويشيعوا في الأرض الفساد، فربك لهم بالمرصاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>