للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصنوعة، والصور المعظمة فيعظم من لا يستحق التعظيم، وتسطر في الكتب أسماء لا رصيد لها من البر والتقوى، ولا رصيد لها من الخلق إلا الشهرة الزائفة، وقد تكون هذه الشهرة بنيت على الجماجم أو على الظلم المتعدى والإفساد. (ونابليون وهتلر) نماذج لهذه العظمة الزائفة - عند غير المسلمين.

أما عظماؤنا فأصل عظمتهم الإيمان بالله وحده، والصدق والإخلاص والعدل والإنصاف، والبر والإحسان ونحوها - من كريم الجلال والأخلاق - سواق تروي شجرة الإيمان المباركة ..

ودعوني أقف بكم على واحد من هؤلاء العظماء في تاريخنا .. إنه عالم عابد، تقي ورع، حافظ زاهد، مجاهد شجاع، صادق أمين، محدث وفقيه، وشاعر وأديب شيخ الإسلام وعالم زمانه وأمير الأتقياء في وقته (عبد الله بن المبارك رحمه الله).

حدث عنه إسماعيل بن عياش فقال: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك، ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في عبد الله بن المبارك (١).

وكان فضيل وسفيان ومشيخة جلوسًا في المسجد الحرام، فطلع ابن المبارك من الثنية، فقال سفيان: هذا رجل أهل المشرق، فقال فضيل: رجل أهل المشرق والمغرب وما بينهما (٢).

فإذا كانت تلك شهادة مشيخة زمانه (المعتبرين) فلا تسأل عن ثناء غيرهم، بل ورد عن سفيان الثوري وهو من هو (رحمه الله) في العلم والعبادة والفضل ورد عنه تعظيم شأن ابن المبارك حتى تمنى بعض ما عنده وقال: «إني لأشتهي من عمري


(١) (سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٤١).
(٢) (تاريخ بغداد ١٠/ ١٦٢ عن السير).

<<  <  ج: ص:  >  >>