للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ختمها قال: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع قدر أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل» (١) ثم قال أبي ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد»

أمة الإسلام يطول الحديث عن الخوف من الله، وتكثر القصص في نماذج الخائفين بحق من الله .. وليس في المقام متسع لأكثر من هذا، والعبرة بالعمل بعد العلم، وعلى قدر إيمان العبد وعلمه وتقواه بخالقه يكون خوفه وكما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: رهبة العبد من الله تعالى على قدر علمه بالله، وزيادته في الدنيا على قدر شوقه إلى الجنة.

يا أخا الإيمان إذا أردت أن تعلم من نفسك قدر الله عندك فانظر في نسبة خوفك منه، فعلى قدر عظمة الله عندك يكون خوفك منه، وبرهان خوفك من الله مسارعتك في الطاعات وامتناعك عن المحرمات. ومن عزائم محبة الله محبة ما يحبه الله ومحبة أوليائه، وبغض ما يبغض الله والبراءة من المشركين والمنافقين، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكنه ما وقر في القلب وصدقته الجوارح (٢).

وحتى لا ييأس العبد من مولاه .. وحتى لا تظلم الدنيا في عينيه، وتتحول حياته إلى خوف دائم يقعد به عن العمل .. فثمة جناح آخر ينبغي أن يطير به الزمن ألا وهو الرجاء ذلك الحبل الممدود بين الأرض والسماء .. وذلك مجال الحديث في خطبة قادمة بإذن الله ..


(١) أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما وإسناده حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، الشعب ١/ ١٢٦.
(٢) شعب البيهقي ١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>