للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: ٧٥ - ٧٩].

واستمر منطق الإنكار والجحود حتى كان العهد بآخرِ المرسلين محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأعاد قومُه منطق وجحود وإنكار السابقين {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} [ص: ٥ - ٧].

ولئن مات المرسلون وهم يجاهدون في سبيل تحقيق هذه الغاية الكريمة، وقد أنقذ الله بهم أممًا، وأحيا بدعوتهم قلوبًا غلفًا- إلى جانب الذين كفروا وجحدوا وأنكروا وسخروا- فقد انتقلت المسؤولية من بعدهم إلى العلماء - إذ هم ورثة الأنبياء في العلم والدعوة- وقام العلماء بمسؤوليتهم عبر القرون يجددون للناس ما اندرس من معالم النبوة وأركان الملة، وكان الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واحدًا من هؤلاء الأعلام المجددين، وقد دهى الجزيرة في زمنه أمرٌ خطير في جوانب المعتقد والسلوك والدعوة والعلم، حيث فشى الشرك وعُبدت الأشجارُ والأحجار من دون الله، وشُيِّدت القبور وطاف الناس بها، وقُدمت النذور لغير الله، وانتشرت الخرافاتُ والبدع، وانحرف سبيل الدعوة، وأصاب طائفة محسوبة من العلماء ما أصاب غيرهم من الانحراف والترويج للباطل.

وكان لا بد من كلمة حق، وداعية حق، وصرخة محق في دياجير الظلم، فكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكانت دعوته الإصلاحية نصرة للحق، لم يأت بدين جديد كما يزعم المغرضون، ولم ينتحل مذهبًا غريبًا كما زعم الخصوم، لكن جدّد ما اندثر، ووصل الأمةَ بالكتاب والسنة، واسترشد بمؤلفات العلماء الرّبانيين كالأئمة الأربعة وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>