محبوب قد يكون الخير في منعه وهو لا يدري ... وقد يكون خيرًا له وهو يظن شرًا ووبالاً عليه إنها حسرات القلب دونما فائدة ... وأقدار الله جارية لا محالة كذلك وجه المسلمون وأربوا، وعوتب غيرهم وبالحسرة أخذوا {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزىً لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير}(١).
أما النوازل الواقعة والشدائد الداهمة، فالعقلاء هم الذين يثبتون لها. والمؤمنون هم الذين يعتقدون أنها بإذن أدبه فيصبرون عليها، أما الضعفاءُ أما قليلو الإيمان فربما هدم الروح أفئدتهم، وربما رمت بهم العواصف الهائجة في مكان سحيق، والإسلام يرشد أن الصبر عند الصدمة الأولى. والحكماء يوصون بالتجلد للمصائب، والشجاعة في المواقف، ويقول الشاعر
أقول لها وقد طارت شعاعًا ... من الأبطال ويحك لن تُراعي
فإنك لو طلبت بقاء يومٍ ... على الأجل الذي لك لن تطاعي
ويقول الآخر:
وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهرِ لا أتضعضع
إخوة الإيمان: وهناك فرق بين الاهتمام بالمستقبل والاعتمام به، وبين الاستعداد له والاستغراق فيه، وبين التيقظ في استثمار اليوم الحاضر وبين التوجس المربك المحير، مما قد يفد به الغد، والتوسط في ذلك بدأ تستقبل الدنيا برضى ويقين وشجاعة، يصور ذلك أبو الحسن علي رضي الله عنه حين يقول: