للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما أن الحياء سمة للأنبياء في الدنيا ومحمد صلى الله عليه وسلم كان أشد حياء من العذراء في خدرها فهو سيمتهم في الآخرون وقد ورد أن عددًا من الأنبياء- عليهم السلام- حين تطلب منهم الشفاعة يوم الموقف العظيم يتوقفون، وهم يذكرون ذنوبهم فيستحيون من الشفاعة، ويقول آدم: لست ها هنا ويذكر ذنبه فيستحيي، ثم يأتون نوحًا فيستشفعونه فيقول لست ها هنا ويذكر سؤاله ربه ما ليس به علم فيستحيي، ثم يأتون الخليل، ثم موسى ويذكر قتل النفس فيستحيي من ربه، ثم يأتون عيسى فيعتذر حتى يأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم فيستأذن ربه ويخر ساجدًا، ويدعو ما شاء الله حتى يؤذن له بالشفاعة .. الحديث (١).

ألا ما أعظم الحياء حين يكون سمتًا للأنبياء في الآخرة والأولى، ومن قبل صفة لله جل وعلا، وما أقبح البذاء والجفاء ولاسيما حين يقودان إلى هتك الحجب، وتجاوز الحدود المشروعة فيورد صاحبه البوار، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار» (٢).

يا أيها المتفاصح في المجالس رياءً وسمعة، أو تصدرًا للحديث للشهرة إياك أن تتجاوز الحياء، وتقع في النفاق، وفي الحديث: «الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق» (٣).

إن الحياء قرين الإيمان (وكفى بذلك منزلة) وقد صح الخبر «الحياء والإيمان قرنا جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر» (٤).


(١) رواه البخاري (٤٤٧٦) الفتح (٨/ ١٦٠).
(٢) رواه الترمذي والحاكم وغيرهما بسند صحيح (صحيح الجامع الصغير ٣/ ١٠٣).
(٣) رواه أحمد والترمذي والحاكم وسنده صحيح (صحيح الجامع الصغير ٣/ ١٠٣).
(٤) رواه الحاكم وغيره وصحح إسناده الألباني (صحيح الجامع ٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>