للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أهل التفسير: هذه آية وجوب الحج عند الجمهور. وقيل: بل هي قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} والقول الأول أظهر (١).

وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعًا ضروريًا وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع.

وقد روى الإمام أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه بسندهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس: قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. ثم قال: ذروني ما تركتم، فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» (٢).

وقد اختلفت عبارات السلف في المقصود بمعنى قوله تعالى {من استطاع إليه سبيلاً} ويجمعها: الزاد، والراحلة، والصحة، ويؤكدها قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سئل: من الحاج يا رسول الله؟ قال: «الشعث التفل»، فقام آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟ قال: «العجَ والثجّ»، فقام آخر (وهنا موضع الشاهد) فقال: ما السبيل يا رسول الله؟ قال: الزاد والراحلة (٣).

والمقصود بالشعث التفل: الذي لم يحلق رأسه، وقد اغبر من عدم الغسل، وتفرق من عدم المشط: أي تارك الزينة، والتفل الذي ترك استعمال الطيب.


(١) تفسير ابن كثير ٢/ ٦٧.
(٢) مسند أحمد ٢/ ٥٠٨، ومسلم كتاب الحج ٤/ ١٠٢، تفسير ابن كثير ٢/ ٦٧.
(٣) الحديث رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وغيرهم بإسناد حسن، مشكاة المصابيح ٢/ ٧٧٦، انظر كلام ابن كثير في تصحيحه ٢/ ٦٨ التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>