للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضًا مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه .. الحديث (١).

تأملوا في همة هذين الشابين وطموحهما ونجاحهما في مبادرتهما، وإذا كانت تلك همة شباب هذا الجيل وغلمانهم فلا تسأل عن من فوقهم؟ !

٤ - ويكفيك أن تعلم من همم أصحاب الأعذار وأولي الضرر ما يكشف عن مبادرات القوم .. وهذا عمرو بن الجموح يصر إلى أن يطأ بعرجته الجنة فيستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد في (أحد) فيأذن له فيقاتل ثم يكون في عداد الشهداء وابن أم مكتوم الأعمى يصر على أن يحمل راية المسلمين غازيًا معهم ويقول: ادفعوا لي اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر وأقيموني بين الصفين (٢).

٥ - وبقي أن تعلم من همم النساء ومبادراتهن أن منهن من أسلمت في ظروف المحنة والشدة بمكة، وثبتت على إسلامها، بل هاجرت إلى المدينة ولم يستطع أهلها أن يردوها كما صنعت أم كلثوم بنت عقبة بن معيط رضي الله عنها وفيها وأمثالها نزل قوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار .. } (٣).

ومنهن من تطلعت إلى الجهاد على ثبج البحر فاستشهدت حيث طلبت كأم حرام حين غزت مع زوجها عبادة بن الصامت رضي الله عنهما فصرعتها دابتها فدقت عنقها وذلك في غزوة قبرس زمن عثمان رضي الله عنه (٤) وكانت من قبل قالت


(١) (البداية والنهاية ٣/ ٣١٦).
(٢) (سير أعلام النبلاء ١/ ٣٦٤).
(٣) (سير أعلام النبلاء ٢/ ٢٧٦).
(٤) (سير أعلام النبلاء ٢/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>