وكانت الهجرة للحبشة- في زمن النبوة- نموذجًا للعالمية في دين الإسلام. وإلا ففرق بين الوطن الحبيب مكة، وأرض النعضاء البعداء- الحبشة- كما تصفها إحدى المهاجرات.
وفرقة بين العرب والأحباش ثم كانت الهجرة للمدينة وكان الأوس والخزرج- وهم من أصول يمانية- أقرب للمسلمين المهاجرين من إخوانهم وعشيرتهم القرشيين وتشكل في المدينة رباط إيماني تجاوز العشيرة والقبيلة والأرض والوطن إلى أجواء العقيدة الحقة وقضاء الإخوة الإسلامية والأرض والوطن إلى أجواء العقيدة الحقة وفضاء الإخوة الإسلامية، وجاء الثناء عليه من فوق سبع سماوات {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ}(١){وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حدثًا جديدًا لم يشهد له التاريخ مثيلًا في زمن الحروب الطاحنة والنعرات القبيلة والخصومات الجاهلية السائدة، وضيق العطن في التقوقع ضمن دائرة ضيق غاوية يعبر عنها الشاعر حينها بالقول.
وهل أن إلا من غرية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد
وفي المدينة تشكل مجتمع جديد تقوم علاقاته وتتوطد أواصره على الإيمان بالله وتنحصر محددات الكرامة فيه على (التقوى){إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}